مجلة اماراباك العلمية، المجلد 12، العدد 41، 2021
الكتابة في البناء التّشكيلي الرّقمي: النظام والفوضى
منال بالحائزة العريبي 1
ملاحظة هامة: بسبب تعقيدات اضافة الصور والاشكال الخاصة بالبحث ، سوف نلحق البحث كرابط بصيغة ال ( بي دي اف ) لسهولة الرجوع لمتابعة الصور في هذا البحث
الملخّص: تعالج هذه الدارسة البناء التشكيلي للكتابة في العمل الرّقمي”، وتبحث في تطوّر الفكر الفني اليوم ومعالجته لمواد فنية بطرق مختلفة، ذلك أنّ هذا التطور يعكس القدرة الإبداعيّة والدّلاليّة للفنان اليوم، ويستكشف العلاقات الدّلاليّة غير المرئيّة من خلال تجلّيها المباشر في الأثر الفنّي الرّقمي، والتدريب على إنتاج تشكيلات فنّية ترواح بين معنيين هما: النظام والفوضى. وهذا لا يعني مجرّد الاكتفاء بتشكيلات بسيطة أو بتجارب أعمال مسقطة تعبّر عن مكنونات العمل الفنيّ. وممّا لا شكّ فيه أنّ تركيب الكتابة يتعلّق، بدرجة كبيرة، بشخصية المتلّقي، والظروف المحيطة به، الأمر الذي يجعل طرق الإنجاز الرّقمي والعرض تختلف من شخص إلى آخر ومن تجربة إلى أخرى، ومن فترة زمنية إلى أخرى، ولا ريب أنّ هذه الخصوبة في مجال الكتابة باب من أبواب تنميّة الإبداع كبير. وبناء على ذلك، نقرّ بأنّ هناك معانيَ خفية تكمن في داخل النص البصريّ والأحداث والتقنيات والوقائع المرئيّة، وقد لا تبدو واضحة للعيان. فهي تحتاج إلى جهد ودراية وتفرّس، إذ كلما ازدادت درجات التّفرس في الأثر الفنيّ (النص البصري المرئي) كانت النتائج أكثر إبداعا. والفراسة هنا ترتبط بقدرة المتعلّم على الفهم والتنبؤ بالأبعاد المتّصلة بالمعنى، وتمتدّ إلى ما هو أبعد من الأثر الفنيّ الرّقمي. تبدو الكتابة من هذا المنطلق مادة بناء فنيّ، وهي في ذات الوقت مادة تشكيل فكري، فيها من الوضوح ما يجعلها منظمة وفيها من الغموض ما يجعلها “غير منظمة”. وفي الحالتين يكون المشهد الرقميّ أثرا فيه من الرموز ما يميزه، وفيه من القيم الفكريّة ما يجعله موضع جدل، فنظام الكتابة متكوّن من وحدات تختصّ كل واحدة منها ببناء وقواعد.
الكلمات المفتاحية: الفن الرّقمي، الكتابة، النظام، الفوضى.
التعديلات المطلوبة من الباحثة:
- إضافة العنوان باللغة الانجليزية
- إضافة الملخص باللغة الانجليزية
- إضافة الكلمات المفتاحية باللغة الانجليزية
تمهيد:
يدعونا السؤال عن “الكتابة” إلى التّفكير في دورها في تأثيث الفضاء التّشكيلي الرّقمي اليوم، واعتبارها أسلوبا من أساليب التّعبير الفنّي فيه. ومن تقاليد الفن ما يجعله مادة درس غنيّة بمعطيات ذات قيمة جماليّة، تكون بنية التّشكيل فيه منظّمة بحسب مقترحات فكريّة تكون هي الأخرى وليدة “حركات” و”سكنات” و”تشابكات” و”انفعالات إبداعية”.
كيف تبدو الكتابة في الفضاء التّشكيلي الرّقمي؟ وعن أيّ نوع من الكتابة نبحث؟ وهل هي نظام محكوم بقوانين التّركيب الفنّي، أم هي فوضى تكتسح الفضاء التّشكيلي؟
ندرس في هذا البحث مسألة الكتابة كمادة بناء فنّي في العمل التشكيلي الرّقمي، وذلك بالاعتماد على دراسة وصفية تحليلية لمجموعة من أعمال الفنانين المعاصرين: Roman Opalka وRuedi Baur وPhilipp Boisnard وMatt Mullican، نكتشف فيها تركيبات وبناءات رقمية حينا وومرسومة حينا ثانيا، ونقوم بتحليلها وفكّ شفراتها اللغوية والفنية. فالمركبات في هذه الأعمال مختلفة ومتنوعة، وتحليلها يسمح باستكشاف ما فيها من وضوح يجعلها منظّمة وما فيها من غموض يجعلها “غير منظمة”. وفي الحالتين يكون المشهد الرّقمي أثرا فيه من الرموز ما يميزه وفيه من القيم الفكريّة ما يجعله موضع جدل، فنظام الكتابة قائم على وحدات لكلٍّ منها بناء وقواعد خاصة.
وتتمثّل الفرضيّة الأساسية في هذه الدّراسة، في أنّ للكتابة دورا في تأثيث الفضاء التّشكيلي الرّقمي، يتراوح بين نظام الشكل وفوضى الفعل الفنّي. وهي ترسم بنفسها دورها الفعلي في التّشكيل، وتكشف عن حدودها الفنيّة.
ننطلق في هذه الدراسة من فكرة مفادها أنّ الكتابة مادة فنّية تؤثّث الفضاء التّشكيلي الرّقمي، وتعزّز هذه الفكرة مقولة تعتبرها نسقا فكريا قبل أن تكون نمطا بصريّا. فهي تشترط أن تكون خماسية البناء كما عرفها” Cheng Francois في قوله “يجب أن يوجد في الكتابة المواجهة والطاقة والهيكل والوضوح ودماء في عروقها، وإذا وجد عيب في أحد العناصر الخمسة، فهي إذا ليست من الكتابة.”[1] يفيد هذا التّعريف أنّ الكتابة هيكل يختصّ بصفة وطاقة ووضوح، بل أكثر من ذلك فهي ثرية بما تحمله من دلالات ومعان في أعماق بنيتها. ومن صفاتها أن يكون الخطاب موجّها وأن يكون البناء البصري في هيكلها ذا بعد جمالي، وفي هذين العنصرين يكون الوضوح مبعث طاقة ذهنيّة وفكريّة.
إنّ ما نجده من تناقض في الحركات وتقابل في البناءات وتجانس في المفردات وتناسق في الأشكال وفي بنية الكتابة؛ إنّما هي مواد تؤثث الفضاء التّشكيلي الرّقمي. فهل غيّر النّمط الرّقمي من تركيب الكتابة تشكيليا، أم هو حافظ على عبثيتها ونظامها في الأثر؟ وهل تجاوز الفن الرّقمي الخطاب الكتابي في الأثر الفنّي؟ وكيف يمكن تفسير وجودها في الفضاء الرّقمي؟ وهل هي مبحث سميولوجي، أم هي علامات تشكيلية تندرج ضمن النسق السيميائي؟
إنّنا مدفوعون إلى إعادة تقليب مؤثثات الفضاء الفنيّ، والبحث بجديّة عن أساليب تكوين الأثر الفنيّ في العصر الرّقمي الحديث، وإعادة صياغة أبنيته الفكريّة، وترجمة وحداته البصريّة إلى معان ودلالات نتوصّل بها إلى بلوغ الغاية من توظيف الكتابة في الفعل الرّقمي ومن التّشكيل الكتابي في الفن الرّقمي، ونجيب من خلالها عن الأسئلة الآتية: هل هي نوع من أنواع التّعبير، أم هي تمرّد على السائد الفنّي؟ وهل هي صياغة جديدة تواكب العصر فحسب، أم هي فعل تحديث وتطوير يعود إلى تكوين الفنان ومواكبته للعصر؟ وهل هي نقد للوضع الحالي من حيث هي لغة تقرأ وتكتب؟
لقد اخترنا تقسيم هذه الدراسة إلى وحدتين، وهو اختيار نرمي من خلاله إلى الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، وتحليل هذه الإشكالية، وذلك على النحو التالي:
- مؤثثات الفن الرّقمي اليوم بين التشكيل والتصميم
قبل أن نغوص في ما يمكن أنّ تمدّنا به الأعمال الرّقمية من مخزون ثقافي يرتقي إلى أعلى الدرجات، كان لابد لنا من الإشارة إلى أنّ هذا النمط الفنّي ليس بالنمط الجديد ولا هو بالأسلوب الحديث، إنما هو أسلوب متجذّر في عمق التّجربة الإنسانية. فالكتابة قديمة قدم الإنسان، إذ أنّ أول ما جسّده الإنسان هو السعي إلى تدوين حياته اليومية من خلال تلك الرسوم التي عُثر عليها في المغارات. فهذه الرسوم هي كتابة حوّلها ما تواضع عليه أهل الاختصاص إلى لغة تقرأ وتفهم وتفسّر، لغة كانت المنفذ الذي به هوّن الإنسان البدائيّ عن نفسه قسوة الطبيعة وقسوة نظام الحياة في تلك الفترة التاريخيّة. وقد تطورت الكتابة –الهيروغليفية بصفة خاصة كغيرها من أنواع الكتابات – وتحوّلت من لغة بسيطة التشكيل إلى لغة معقّدة البناء، عرفت “بأنّها أسلوب معقّد، وأنها كتابة تشخيصية وترميزية وسمعية في نص واحد، وفي نفس الجملة، وأقول أيضا في نفس الكلمة[2]“. وتحوّلت بعد ذلك لتكون مادة تشكيل فنّي، ومادة اجتمع حولها علماء ومفكرّون من انتماءات ومشارب مختلفة، وبحثوا في ما يمكن أن تخفيه من كنوز فكرية قد تمكّنهم من فكّ لغز “الإنسان”.
ذلك أنّ هذه الذات وحدة فكريّة وشكل من أشكال الوجود، وهي قبل كل شيء حقيقة لابد من إثباتها من خلال ما يمكن أنّ يقدمه لنا “التاريخ”، فتاريخ الأشكال لا يرسم من خلال خط واحد متصاعد، إنّما هو أسلوب يتخذ نهاية، وآخر يولد. فالإنسان مجبر على إعادة تقليب نفس البحوث، وهو نفسه يدرك أنّ المثابرة وأصل الفّكر البشري هي التي تقوم بإعادتها”[3] فلا يكفيه البحث للتوصّل إلى نتيجة ما، بل عليه أن يبحث في المبحوث فيه ويفكّك كل شيء قد تفكك من قبل لكي يتأكّد من أنّ كل بحث يقدّم الجديد دون منازعة. هكذا هو الإنسان وهذا هو النشاط الفكري لديه. فكيف يكون النشاط الفنّي اليوم؟ وكيف يوظّف هذا المخزون الجديد في تعبيراته ومشاغله الفنّية؟
وضمن كل ما يمكن أنّ تحدثه هذه المادة في النّمط الفنيّ من تحويلات وتغييرات، فإنّ ما يميزها هو، هذا الأسلوب “الجديد” الذي تكون الكتابة فيه مادة تعبير فنّي ومادة تقرأ بصريا وتقرأ سمعيا. وفي الحالتين يكون الفنّان هو مصدر هذا “البحث الفنّي”، لأنّ العلاقة التي تجمع بينه وبين الرسم والكتابة علاقة لا تفسّر على النحو الجمالي ولا على النحو الإبداعي بقدر ما تفسّر سيميائيّا، فبين الرسم والكتابة توجد هذه الذات الفاعلة فنّيا وفكريّا. والتسليم بأنّ “الكتابة والرسم متطابقان في أعماقهما”[4] فكرة مردّها إلى الاقتناع الكليّ بأنّ الأفكار وليدة هذه الأساليب، وبأنّ عمق الذات هو الذي يحدث فعلها التّشكيلي دون تردد.
من هذا المنطلق يمكننا أنّ نعتبر أنّ الكتابة أسلوب فنّي حديث ينتمي بشكل من الأشكال إلى”الفن المعاصر” الذي فيه يكون تجريد الأشكال من أهم المواد التي نجدها في هذا النمط الفنّي على اختلاف تجلّياته، والذي فيه يكون النظام العنصر الأساس في هذه البنية. ذلك شأن بعض فناني هذا العصر مثل”Roman Opalka”* الذي جعل من الرّقم كتابة وجعل من هذه التّشكيلات بنية فنّية فيها من النظام ما يميزها وفيها من الدلالات ما يجعلها محط أنظار الباحثين. ذلك أنّ الجزئية في نظره هي المرصد الأول والهدف المراد تحقيقه، كما هو ملاحظ في هذه الأعمال.
Gros plan sur un fragment d’un Détail | Fragment d’un des premiers Détail |
Un Détail en entier | Fragment d’un Détail. |
صورة 1: رومن أوبلاك 1965/1-بلا نهاية، بين 1965و 2011 [5]
لقد جعل Roman Opalka من الرقم أسلوب تعبير، في حين أن Ruedi Baur جعل من الكلمات لغته الخاصة، وأداة تزويق ترتقي بهذه المادة إلى أعلى درجات الإبداع الفنّي. فقد جعل هذا الأخير من النظام أساس البناء الفنّي لديه، حيث نجد “التّرتبيب” و”التّأليف” و”الجمع” بين هذه الكلمات لكي تشكل في نهاية الأمر”علامات منظمة” وفق رغباته، هكذا يختار الكلمات وبهذه الطريقة يجعل منها “شعرا”[6] “. فهو لا يبحث عن الكلمة العامة بل عن الكلمة الصحيحة، التي تخلق رابطا مدنيا” [7]، ويقلب محتواها ويجعل منها تصميما يواكب العصر ويؤدي وظيفته الجمالية والاستهلاكية. فبالنسبة إليه، “تتحدث الكلمات عن الأشياء الصحيحة، المعلومة التي سوف تدوم مثل ما هو أزلي أو موسمي”[8]، وهكذا يجعل منها تصميما عميق الدلالة.
صورة 3: رودي بور، نظام جديد لمدينة ميتز، في خدمة ديوان السياحة[9]
ولا يكتفي Philippe Boisnard بتشكيل وتزويق المساحات، بل هو يتجاوز ذلك ليجعل منها تصميما رّقميا يطرح من خلاله إشكالية التركيب بالكلمات، لتكون الكتابة المشكل الرئيس للعرض الرّقمي. وهو في ذلك لاترضيه تشكيلاته بقدرما يدعو المشاهد لتصميم صورته الشخصية بنفسه وبالكلمات التي يريدها.
تكتسح الإسقاطات الرّقمية الفضاء وتؤثثه بالأضواء المختلفه لتجعل منه لغة بصرية تدعونا إلى فكّ شفراتها والتمتع بما فيها من نظم متشابكة حينا ومتناثرة حينا آخر. تبدو التشكيلات مختلفة التركيب، تحكمها قواعد ضوئية، ونمط حركي يتزامن مع مؤثرات صوتية يقوم هذا الفنان باختيارها بعناية فائقة، ليكون فضاء العرض مزيجا من إبداعات وجماليات وإيحاءات.
Philippe Boisnar صورة 4: صورة من عمل رقمي مركب من كلمات (عمل مسقط) للفنان
Philippe Boisnar صورة 5 صورة من عمل مسقط فيديو للفنان
[10]Festival “Chercher le texte” au Cube / 25.09.13
هكذا تندرج الكتابة ضمن وحدة فنّية عميقة متكوّنة من بنية ودلالة. أمّا البنية فتتكوّن من مجموعة من الخطوط التي تشكّل “الكلمة”، والتي تقوم بدورها بتشكيل شكل ما؛ وأمّا الدلالة فتتكوّن من عدّة معان متفرّعة بحسب ما يمكن أن يمليه عليها تشكيل البنية. من هنا تكون الغاية من الإبداع هي تشكيل نمط جديد، فيه من التوازن البصري ما يجعله متميزا ومن القدرة على الترميز ما يجعله مادة بحث ودرس.
من هذا المنطلق يكون بحثنا بحثا عن “الشكل ” وفي معاني هذا الشكل من جهة، وبحثا في دلالة المعانى من جهة أخرى؛ لأنّ الخلق الإبداعي متكوّن من أنساق بصرية وفكرية نطلق عليها اسم “علامة”. هذا ما نقف عليه في أعمال “مات ميليكون” الذي جعل من “الكلمة بناءً شكليّا”، وجعل من “الحرف بنية” وجعل من “الرقم كتابة”، وبين الكلمة والحرف والرقم يكون تشكيل الفضاء مختلفا عن غيره.
صورة 2: مات ميليكون، مقتبس من كتاب هذا الشخص [11]
- الكتابة بين تمردات النظام والفوضى.
من هذا المنطلق يكون بحثنا حول بنية الكتابة في العمل الفنّي وحول طبيعة العلاقة بين الفعل التشكيلي ونظام الكتابة لدى “مات ميليكون”. فقد شكّلت رسومه مشاهد بصرية، فيها من النظام ما يشدّ الانتباه، وفيها من اللا نظام ما يجعلها “فوضوية الفعل”؛ وبين فعل النظام وفعل الفوضى تكون الحركة الإبداعية هي مرصد كل أثر فني. فإلى أي مدى يمكن اعتبار النظام “فعلا إبداعيا”؟ وكيف يمكن لنا رصد هذا الفعل؟ وماهي مقوّماته؟ وإن كان النظام في تعاريفه البديهية هو الشيء “المرتّب” و”المنظّم” و”المضبوط”… فهل يمكن أن نكتفي بما يمكن أن تمدّنا به هذه المفاهيم من معان، أم أن ما تحمله هذه المفاهيم أعمق مما تدلّ عليه؟ وهل يمكن اعتبار اللا نظام فعلا إبداعيا؟ وهل يمكن أن يرتبط الفعل بالحركة والإبداع بالفكر؟ وهل يمكن أن يلتقي النظام باللا نظام؟ وهل يمكن أن يؤسّس النظامُ اللا نظامَ؟ وماهو مفهوم اللا نظام؟ وإن كان اللا نظام في أحد تعاريفه هو هذا الشيء الفوضوي، غير المرتب، العفوي، المفرط فيه… فهل يمكن لنا رصد نظام في هذه “الفوضى”؟ وماهي علاقة الكتابة بفوضى النظام وعلاقتها بنظام الفوضى؟
من هنا يكون النظام ” تأليفا “و”جمعا و”قرنا” و”ضما “[12]، ويكون التأليف بين الوحدات الشكلية مرتّبا وفق ميولات الفنان، ويكون الجمع هو هذا الجمع العميق بين ظاهر التشكيل ومضمونه، ويكون القرن والضمّ هو هذا التشكيل الموحّد. ولهذا فإن الإقرار بأنّ “النظام هو الذي يعيد المعقولات (البينات intelligible)، يعني أنّه هو الذي يساعد على كشف المشابهات والاختلافات”[13] بين الوحدات الشكلية، وهي طريقة من طرق ترتيب المفاهيم. وهو بذلك يساعد على كشف توازن البنية من خلال رصد تشابه الأشكال وكشف ما يمكن أنّ نرصده في الفضاء التشكيلي من اختلافات، فتكون البنية رصيدا من التوازنات لأنّها تمثّل “أحسن نظام ممكن”[14]. هكذا يكون النظام موزّعا وفق نظم الأفكار ووفق ذاتية الفنّان ” لأنّ معرفة النظام أو اللا نظام مرتبطة بمرجع خاص، هو الرؤية الذّاتية “[15]. ونعني بذلك أنّ الدوافع الذاتية هي التي تشكّل بنية العمل وهي التي تسوق النسق البصري وفق ميولاتها ووفق رغباتها الفكّرية، حتى يتجلّى أمامنا العمل مكتملا و”يبرز بوصفه علامة إنْ على صعيد المادة أو الموضوع أو الحدث أو القصد”[16]. من هنا تكون الكتابة “علامة” من علامات البناء التّشكيلي، ويكون الحدث الفنّي مرتبطا “بحالات الذات الفاعلة” على اعتبار أنّ هذه الحالات هي حالات تمرّد فكري في بعض الأحيان. فكيف يمكن رصد هذه الحالة؟ وهل يمكن أن تندرج ضمن الفعل الإبداعي، أم أنّها تندرج ضمن “حالات التفكير العميق”؟
صورة 4: مات ميليكون، دون عنوان، مقتبس من “كتاب هذا الشخص” [17]
صورة 5: مات ميليكون، مقتبس من كتاب هذا الشخص [18]
نلاحظ من خلال هذه الرسوم التي تؤثث الفضاء التّشكيلي، أنّ “مات ميليكون”لا يكتفي بمجرّد التشكيل، ولا تلهمه جمالية الحرف أو الكلمة أو الرقم، بقدر ما تستدرجه قدرة الخط على تشكيل ما هو غير مرئي. فما يمكن أنّ تحمله دلالات الخط من معانٍ هي التي تمكننا من فهم ما يمكن أنّ يدل عليه تشكيل الكتابة من رموز وعلامات، وهذا ما أثبته Barthes في قوله إنّ “الخط فعل بصري” [19].. وتكون دلالة الخط على اختلاف هيئاته متعددة المعاني. فنجد أنّ الخط الأفقي في أحد تعاريفه يفيد معنى “الانبساط والهدوء والصفاء، وهو ما يفصل بين السماء والأرض وبين المادي والروحي “[20]؛ أمّا الخط العمودي، فهو” الشكل الأكثر اختصارا للامتناهي ممكنات الحركات الساخنة[21]، وهذا يعني أنّ قيمة هذا الخط لا تكمن في قدرته على تعويض المتناقضات أو”تعويض المنبسط بالعلوى”، بل هي تتجاوز ذلك لتشير إلى” قيمة الرابط بين الإله والإنسان”[22]؛ أمّا الخط المائل، فإنّه يمثّل ذلك الوسيط بين الخطين العمودي والأفقي، وهو يعني ” التحويل والتحرّك والإيحاء بما هو نشيط “[23]، أي أنّه في ميلان الخط يكون الحراك والتحوّل والنشاط.
إن ما يتميّز به هذا النوع من الخطوط يجعل من التشكيل تشكيلا يندرج ضمن “الانفعالات النفسية” و”الانفعالات الفكرية” و”الانفعالات الإبداعية”. فما يمكن أنّ تمدنا به تراتيب الحرف أو الرقم من نظام متوازن في بناء المشهد البصري، هو جانب النظام؛ على أنّ جانب اللا نظام فيه من النظام ما يجعله مرتّبا وفق هذه الانفعالات ووفق قوة الافتعال.
ولما كان اللا نظام أحد نظم الكتابة، فقد شكّل مادة صعبة التعريف، لأنّه يتنزل ضمن المتناقضات التي تتكوّن في كل نظام موجود. وقد ارتبط بمفاهيم “العفوية” و”التصادم”و “الشيء المفرط فيه”[24]، وعرف في بعض الأحيان على أنّه الشيء “غير المنظم”. ويقودنا هذا إلى استنتاج أنّ اللا نظام هو بشكل من الأشكال “الفوضى” وأنّ هذه الفوضى هي حالة من حالات التعبير الفنّي.
لقد تعمّدنا استعمال مصطلح الفوضى في هذا البحث لأنّه ثري بمعان دقيقة تساعدنا على كشف ما يمكن أن يخفيه هذا النمط الفني من أسرار. ويمكن أنّ تعرف الفوضى – اللانظام – في أحيان أخرى على أنّها “غياب مشروع ذكي” “l’absence d’un dessein intelligent”[25]، وفي بعض الأحيان على أنّها “حالة لللا نظام في نظام ما “”entropie”[26]. هكذا يكون الللانظام حالة من “حالات الهذيان الفكري” وحالة من حالات “التمرّد الفعلي” عن قاعدة الترتيب، فتكون الصورة لوحة ممتلئة بمجسّمات غير متكافئة وغير متوازنة بصريا، وتكون الأشكال مبعثرة في الفضاء، ويكون مصدرها هو هذا “التدمير الشكلي” والتجزئة الفعلية. ف” entropie” هي “اتجاه نحو الفوضى – اللا نظام- من خلال تدمير الشكل “[27]، بمعنى أنها عشوائية البنية ومضطربة التّشكيل حتى أنّها تكاد تكون غير مكتملة. ويقودنا هذا التحليل إلى استنتاج أنّ”حالة الفعل” وحالة “التمرد الفكري”هي التي تجعل من المادة أداة “تفكير بصري” لأنّ “التفكير نوع من الاستنتاج القائم على استخدام الصور العقلية التي تحوي المعلومات المكتسبة من الأشياء المرئية”[28].
في هذا الصدد جعل الفنّ الرّقمي من الأثر “مادة بصرية” مزدحمة البناء، نكتسب منها المعاني، ونستخلص على إثرها المعطيات الفكريّة والدلاليّة التي بها “نفكر بصريا”. وجعل الفنّ الرّقمي من “المادة” مصدر “قوة فعلية” ومصدر كل” فعل فني”. وهكذا، بين قوة الفعل وعفويته وبين ترتيب “الحروف” أو “الأرقام” وتبعثرها، تكون هذه اللوحة مزيجا من العلامات والرموز.
فقد امتزجت حركة الذهن بحركة الفعل، وتحوّلت هذه الحركات إلى قوّة عبّر عنها “Kandinsky” بحركة قوة ما. تدخل الحياة في مواد معطاة، وهذه الحياة يُعبَّر عنها بتوترات ما، والتوترات من جهتها، تقدّم تعابير داخلية للعنصر، والعنصر هو النتيجة الفعلية لحركة القوة على المواد”[29]. وبين الحركة والفعل واللمسات تكون الانفعالات هي تلك التوترات حينا والسكنات حينا ثانيا، وبين هذا وذاك تكون الدوافع الداخلية هي مصدر هذه القوة ومصدر هذا الفعل الفنّي في تنوعه وتوتره وسكونه وهدوئه. فقد امتزجت في المقترحات الرّقمية بالانفعالات النفسية وبالتوازن الفكري، وتحوّلت الممكنات لدى المبدعين من مواد إلى أنساق بصريّة مختلفة البناء، منها ما هو منظم ومنها ما هو غير منظم، وبين النظامين يكون الحدث الفني قد اكتمل.
صورة 6: مات ميليكون تجربة تحت التنويم المغنطيسي [30]
يندرج الفعل التّشكيلي لدى “مات ميليكون” ضمن “الحالات النفسية” و”الحالات الفكرية”، لهذا فإنّ نظم الكتابة لديه مرتبطة بما يمكن أنّ تقدمه له هذه الحالات التي تتجاوز هذه المعطيات لتكون مرتبطة “بالذات”. ذلك أنّ “الإنسان هو الذي يسمي الأشياء “منظّمة “عندما تتطابق مع توقّعاته وغير منظّمة عندما تكون على العكس من ذلك. فالنظام هو ما يروق لتخيّلاتنا، ويتماشى مع تعقيدات جسدنا وأفكارنا، واللا نظام هو ما لا يعجبنا “[31].فقد امتزجت الدوافع بالتوقعات، وتداخلت حالات التوتّر بحالات الهدوء، وارتبط النظام بالذات وبأفكارها وبدواخلها، حتى اكتشفنا من خلال هذا الامتزاج أنّه في النظام ” كتمان للفوضى”[32]. لكن إلى أيّ مدى يكون هذا الكتمان مصدر “خلق إبداعي”؟ ألا يمكن أن يكون كتمان البنية الشكلية هو تصريح ضمني بنظام لا يدرك إلا بالعقل؟ وإذا كان بين النظام والفوضى يكون التساؤل حول إشكاليات بصرية وفكرية تبحث في أعماق “الرصد التشكيلي”و في أعماق “الرصد الجمالي”، فكيف يمكن لنا رصد “فوضى النظام” في بنية نظامية؟ وكيف يمكن لنا رصد” نظام الفوضى” في بنية فوضوية التركيب؟
ما يمكن أن تجسّده الكتابة من تراتيب، وما يمكن أنّ تعبّر عنه حالات “الاحتقان الداخلي” من مشاهد بصرية، يمكّننا من فهم أنّ أصل الحدث الفنّي هو هذا” الغياب” الذي قد يكون “فعليا” ونعني به الغياب الجزئي “للحركة” أمام سيطرة قوى الفكر عليها، وقد يكون “غيابا ذهنيا” ونعني به حالات الانسلاخ الكلي عن الواقع، كما هو الحال في مخطوطات مات ميليكون المجسدة تحت تأثير” التنويم المغناطيسي”.
صورة 7: مات ميليكون، دون عنوان (تركيب مجموعتين، وتني بينالي أ/ب)2008 [33]
صورة 8: مات ميليكون، دون عنوان، تركيب مشهدين مسقطين،2008[34]
إنّ ما يمكن أنّ يمدّنا به المشهد البصري أو المشهد الرّقمي من متميزات، وما يمكن أنّ تقدمه لنا هذه “التراتيب الفوضوية “من معطيات، يقودنا إلى التساؤل حول درجات التعقيدات التي يمكن أنّ نستمدّها من الحالتين: حالة “النظام” و”حالة الفوضى”، لأننا اعتدنا دائما أنّ نخلط فعلا بين الشيء المنظم والشيء غير المنظم، فنعتبر الأوّل شيئا بسيطا والثاني الذي لا يخضع إلى النظام شيئا معقدا”[35]. فهل يمكن التسليم بأنّ النظام هو بشكل من الأشكال “تمثيل بسيط، أم هو على العكس من ذلك معقّد إلى درجة تحمل على التيه في اكتشاف بنيته؟ وهل يمكن أنّ نعتبر أنّ الفوضى هي تمثيل معقّد البنية، أم هي بنية بسيطة التركيب يمكن من خلالها اكتشاف ما به تكون الكتابة نظاما تركيبيا؟
تقودنا هذه التساؤلات إلى اكتشاف أمرين أساسين في بنية الأثر الفني: يتمثّل الأمر الأول في “توازن النظام الفوضوي”، ويتمثّل الأمر الثاني في “جمالية فوضى النظام”.
Philippe Boisnar صورة رقم 9: جزء من عمل مسقط فيديو للفنان
بين التوزان والنظام وبين المعقّد والبسيط تكون التشكيلات رموزا، وتكون هذه البناءات مركّبات فيها من التعقيد ما يجعلها منظمة وفيها من البساطة ما يجعلها غير منظمة. فكيف يمكن لنا رصد ما به تكون الكتابة بسيطة الشكل غير معقّدة على الرغم من حالات الفوضى داخلها ؟ وكيف يمكن لنا أن نكشف أنّه في نظام الكتابة يكون تعقيد المبسط وتبسيط المعقّد؟ وبين البسيط والمعقّد تكون العلامة أحد أساليب التفكير البصري. تكون الكتابة أثرا فنيّا يتّسم بالوضوح حينا وبالتعقيد حينا آخر، وبين التعقيد والتبسيط يكون التشكيل هو أساس العمل الفني، فتصبح الألوان والأشكال والتركيبات تشكيلات محورها غايات وأهداف فكرية تدور جلّها حول “منزلة الإنسان في الوجود”. وتصبح الكتابة من هذا المنطلق شكلا من أشكال البنية الفنية تراوح بين غموض شكلها ووضوح دلالاتها حينا وبين بساطة شكلها وتعقيد دلالاتها حينا آخر. من هنا كان لابد لنا من البحث في ما يمكن أن تمدّنا به المادة التشكلية من تعاريف دقيقة لهذين المفوهومين- المعقّد والبسيط -. فكيف يمكن لنا البحث في تعريف مفهوم المعقّد؟ وهل نحن بصدد البحث عن التشكيل المعقّد في مستوى بنية الشكل، أم نحن نبحث في عمق التفكير المعقّد من خلال قراءة الشكل المعقّد؟ وكيف يمكن لنا رصد الشكل المعقّد؟ وهل يمكن أن يكون البسيط في شكله معقّدا دلاليا؟ أم هو العكس من ذلك، فيكون المعقّد شكليا بسيطا دلاليا؟ ظلّ الجدل قائما في تعريف المعقّد والبسيط، لأن ميدان الفن التشكيلي لا يحدّد مفهوم المعقد من ناحية علمية تجربية ولا من ناحية رياضية بقدر ما يبحث في تعريفه فلسفيا وشكليا وبنيويا وسيميائيا. ومردّ هذا إلى أن مرصد كل عمل فني هو” تفكير عميق” يعود بالضرورة إلى طاقة دفينة لها القدرة على” تغيير أسلوب الترميز والتمييز والتقدير والتطوير”[36]، طاقة تشكّلت كلّها في الفكر وظهرت بعد ذلك في شكل فني ثقافي.
الخاتمة:
يبدو أن السّلوك الإنساني اليوم سلوك رقميّ بامتياز، وأنّه إذا كان الفعل الفنيّ اليوم يندرج ضمن هذه المنظومة الرقميّة، فإنّ النسق الإبداعي الذي أنتجه هذا السلوك هو بالضرورة فعل دلالي متناه وإنتاج للمعنى لا حدّ له، في زمن تغيّرت فيه معطيات الحياة، وأصبح التواصل رقميّا، وتحوّل الفعل الثّقافي إلى فعل معاصر رقميّ مختلف كل الاختلاف من حيث التركيب والتأليف في جلّ مجالات الإبداع الفنّي الرّقمي. فأيّ دور يمكن أن تلعبه كتابة هذه الإسقاطات الرّقمية في ظلّ كل هذه التغيرات والتحوّلات التي يشهدها المجال الفنّي اليوم؟
إنّ الإنسان يعيش اليوم بين متطوّرات الحياة العصرية وبين تكنولوجيات الاتصال والرّقمنة، فإذا كان الفعل الفنّي يندرج ضمن البحث في الكتابة وأبعادها التّشكيليّة في التّركيبات ومكوّنات التّجربة الرّقمية، ألا يدعونا هذا الأمر إلى التّأمل برهة في كينونة الإنسان باعتباره الذات الفاعلة في التّجربة الرّقمية؟ وهل سيكون الفنان هو ذاته الفنان اليوم وغدا؟ أو أنّه يشهد تغييرا في بنيته وتفكيره وطرق عيشه؟ وإذا كانت التجارب الرّقمية في معنى الإبداع، فعن أيّ معنى نبحث اليوم ونحن نعيش الوسط الافتراضي بكل معانيه؟
لقد أفضى بنا هذا البحث إلى تسجيل جملة من المعطيات والتّساؤلات التي لا يمكن نفيها أو تجاهلها أو إزاحتها من الحقل المعرفي. فكان تركيزنا على دور الكتابة في البناء التّشكيلي الرّقمي، وما يمكن أن تمدّنا به تمرّدات النظام في الإسقاطات الفنية، وتبعثر فوضى الكتابة في الفضاء التشكيلي الرّقمي اليوم. فهل تمكّنّا في هذه الدراسة من رصد دور الكتابة في الفن الرّقمي ؟ وما هي الإضافات الجديدة التي رصدناها في الأثر الفنّي الرقميّ؟
انصبّ التركيز في هذه الدراسة على أهمية الكتابة في الفضاء التّشكيلي الرّقمي مفهوما وموضوعا وإبداعا من إبداعات التّجربة المعاصرة التي تساعد على كشف جملة من القواعد التي بها يمكن تفكيك روابط الفعل الفنيّ المعاصر، وعلى إبراز دور العلامة كمؤثث في الفضاء التّشكيلي المعاصر، فالرابط الرّقمي بمجالاته السّمعية والمرئيّة تحوّل إلى رابط افتراضي تحكمه قواعد جديدة قابلة للتغيّر في كل لحظة يشهد فيها النظام التّكنولوجي تغييرا.
المراجع:
المراجع باللغة العربية:
ابن منظور، لسان العرب المجلد الثاني عشر،”نظم ” دار الصادر الطبعة. 1990
عبد القادر فهيم الشيباني، معالم السيميائيات العامة أسسها ومفاهيمها،الطبعة الأولى: سيدي بلعباس الجزائر 2008
عبد الله علي محمد إبراهيم، فاعلية استخدام شبكات التّفكير البصري في العلوم لتنمية مستويات “جانيية”المعرفية ومهارات التّفكير البصري لدى طلاب المرحلة المتوسطة،2006،ص 10 مرجع إلكتروني www.nu.edu.sa/c
المراجع باللغة الفرنسية:
Angelique, Coatleven-Brun, La peinture prise aux lettres ou comment définir, une troisieme structure visuelle en art », sous la direction de M. Hèlene Saule- Sorbe, Université Michel de Monlaigne-Bordeau3, Ecole doctorale Monlaigne-Humanités, Présente et Soutenue Publiquement le 22 juin2012
Dictionnaire Hachette, langue française «, compliqué » Hachette, 1994,
Groupe u, traite du signe visuel pour une rhétorique de l’image, Edition du seuil 1992
Henri, Focillon, vie de formes, Presses Universitaire de France, Paris, (1943), 1993
Laurent, Nathanael « qu’est-ce que la complexité ? » Revue des questions scientifiques, 2011,182(3):253-272, facultés universitaires Notre-Dame de la paix, Namur et université catholique de Louvain, Louvain-la-Neuve, Belgique,
Matt, Mullican, that person’s book , art council England, co-published in 2007
Michel, Alhadeff-Joes, trois génération de théories de la complexité: nuances et Angélique, Coatleven-Brun, «La peinture prise aux lettres ou comment définir, une troisième structure visuelle en art»,sous la direction de M. Hélène Saule- Sorbe, Université Michel de Monlaigne-Bordeau3, Ecole doctorale Monlaigne-Humanités, Présente et Soutenue Publiquement le 22 juin2012
Paul, Klee, théorie de l’art moderne, Gallimard, Paris, 1956, 1998
Rene-Jean, Dupuy, MICHEL, Butor, WERNER, Arber, RENE, Thom, EDGAR Morin, MICHEL Crozier, Ordre et désordre, Tome XXIX, Rencontres internationales de Genève, Histoire et société d’aujourd’hui, Les Éditions de la Baconnière, Neuchâtel, 1984
Rolands, barthes, l’obtus, seuil, Paris, 1982
Wassily, Kandinsky « point et ligne sur plan », Gallimard, Paris, 1992, (1991)
المراجع الإلكترونية:
http://www.jprevertnlg93.ac-creteil.fr/IMG/pdf/Roman_Opalka-2.pdf
VIDÉO: ROMAN OPALKA (1931-2011), “FONDU AU BLANC”, 1994
تاريخ الزيارة: 26/03/2013
http://ruedi-baur.eu/assets/gallery/139/1041.pdf
LES MOTS CIVIQUES DE RUEDI BAUR
تاريخ الزيارة:20/03/2013
https://www.flickr.com/photos/le-cube/9952724925
https://www.u-picardie.fr/curapp-revues/root/40/bernard_piettre.pdf_4a0931d81d9c1/bernard_piettre.pdf BERNARD, Piettre, ordre et désordre:le point de vue philosophique تاريخ الزيارة:7/03/2013
http://www.hausfuerkunsturi.ch/haus-fuer-kunst-uri/archiv/kuenstlerinnen/matt-mullican-g-t.html Untitled (Combination of the Two, Whitney Biennale, Rubbing A/B)», 2008, Acryl und Ölstift auf Leinwand, Frottage, 243.8 x 365.8 cm; Courtesy Mai 36 Gallerie, Zürich
Louis-José Lestocart, Paul Valery: L’acte littéraire comme pensée de la complexité.
http://revel.unice.fr/alliage/index.html?id=3520 Louis-José Lestocart:
Paul Valéry, l’acte littéraire comme pensée de la complexité. تاريخ الزيارة 4//15/2019
1 دكتوراه في علوم التراث، باحثة جامعية بالمعهد العالي للفنون والحرف بقفصة، جامعة قفصة عضو مخبر البحث العلمي في الثقافات والتّكنولوجيا والمقاربات الفلسفية إيميل: manel.belhaiza1@gmail.com
[1] Angélique, Coatleven-Brun, «La peinture prise aux lettres ou comment définir, une troisième structure visuelle en art»,sous la direction de M. Hélène Saule- Sorbe, Université Michel de Monlaigne-Bordeau3, Ecole doctorale Monlaigne-Humanités, Présente et Soutenue Publiquement le 22 juin2012, p118
[2] Angelique, Coatleven-Brun, «La peinture prise aux lettres ou comment définir, une troisième structure visuelle en art », sous la direction de M. Hèlene Saule- Sorbe, Université Michel de Monlaigne-Bordeau3, Ecole doctorale Monlaigne-Humanités, Présente et Soutenue Publiquement le 22 juin2012, p101
[3] Henri Focillon, vie de formes, Presses Universitaire de France, Paris, (1943), 1993, p.17
[4] Paul Klee, théorie de l’art moderne, Gallimard, Paris, 1956, 1998, p58
* هو فنان ورسام وفتوغرافي بولوني الجنسية وذو ثقافة فرنسية –بولوني ولد سنة 1931 في Hocquincourt (Somme) وتوفي سنة 2011 بإيطاليا Chieti (Italie) متخرج في أكادمية الفنون الجميلة بVarsovie ينتمي إلى التيار المعاصر من سنة 1959إلى غاية 1963رسم سلسلة من المونوكروم بيضاء في سنة 1965قام برسم الأرقام من خلال نظام تصاعدي فهو يرسم الأرقام بالأبيض على خلفية سوداء. www.jprevertnlg93.ac-creteil.fr
[5] http://www.jprevertnlg93.ac-creteil.fr/IMG/pdf/Roman_Opalka-2.pdf
Roman Opalka, 1965/1-infini (prononcé «1965 de 1 à l’infini») entre 1965 et 2011 peinture à l’huile, photographie, enregistrement sonore. Châssis en bois entoilé, papier photographique, bande magnétique. 195 X 135 cm
[6] Ibid p1
[7] Ibid p1
[8] Ibid p1
[9] http://ruedi-baur.eu/assets/gallery/139/1041.pdf
[10] https://www.flickr.com/photos/le-cube/9952724925
[11]Matt mullican, that person’s book , art council England, co-published in 2007,p53
[12] ابن منظور، لسان العرب المجلد الثاني عشر،”نظم ” دار الصادر الطبعة. 1990 ص 578
[13] Groupe u, traite du signe visuel pour une rhétorique de l’image, edution du seuil 1992, p41
[14] Groupe u, traite du signe visuel pour une rhétorique de l’image, edution du seuil 1992, p42
[15] René-Jean Dupuy, Michel Butor, Werner Arber, René Thom, Edgar Morin, Michel Crozier, Ordre
et désordre, Tome XXIX, Rencontres internationales de Genève, Histoire et société d’aujourd’hui, Les Éditions de la Baconnière, Neuchâtel, 1984, p142
[16]عبد القادر فهيم الشيباني، معالم السيميائيات العامة أسسها ومفاهيمها،الطبعة الأولى: سيدي بلعباس الجزائر 2008،ص129
[17] Matt mullican, that person’s book, art council England, co-published in 2007, p7
[18] Matt mullican, that person’s book, art council England, co-published in 2007, p73-74
[19] Rolands barthes, l’obtus, seuil, Paris, 1982, p 157
[20] Angelique, Coatleven-Brun, « La peinture prise aux lettres ou comment definir, une troisieme structure visuelle en art », sous la direction de M. Hèlene Saule- Sorbe, Université Michel de Monlaigne-Bordeau3, Ecole doctorale Monlaigne-Humanités, Présente et Soutenue Publiquement le 22 juin2012, p 44
[21] Ibid 45
[22] Ibid 45
[23] Ibid 45
[24] René-Jean Dupuy, Michel Butor, Werner Arber, René Thom, Edgar Morin, Michel Crozier, Ordre et désordre, Tome XXIX, Rencontres internationales de Genève, Histoire et société d’aujourd’hui, Les Éditions de la Baconnière, Neuchâtel, 1984, p142
[25] Bernard Piettre, ordre et désordre:le point de vue philosophique p30
[26] Groupe u, traite du signe visuel pour une rhétorique de l’image, Edition du seuil 1992, p40
[27] Ibid 40
[28] عبد الله على محمد إبراهيم، فاعلية استخدام شبكات التّفكير البصري في العلوم لتنمية مستويات “جانيية”المعرفية ومهارات التّفكير البصري لدى طلاب المرحلة المتوسطة،2006،ص 10 مرجع إلكتروني www.nu.edu.sa/c
[29] Wassily Kandinsky « point et ligne sur plan », Gallimard, Paris,1992,(1991),p111
[30] https://researchfacility.wordpress.com/2011/05/15/sam-at-8qmatt
[31] Bernard piettre, ordre et desordre:le point de vue philosophique..p36
[32] Groupe u, traite du signe visuel pour une rhétorique de l’image, Edition du seuil 1992, p41
[33]http://www.hausfuerkunsturi.ch/haus-fuer-kunst-uri/archiv/kuenstlerinnen/matt-mullican-g-t.html Untitled (Combination of the Two, Whitney Biennale, Rubbing A/B) », 2008, Acryl und Ölstift auf Leinwand, Frottage, 243.8 x 365.8 cm; Courtesy Mai 36 Gallerie, Zürich
[34] Ibid, http://www.hausfuerkunsturi.ch/haus-fuer-kunst-uri/archiv/kuenstlerinnen/matt-mullican-g-t.html
«Untitled (Combination of the Two, Performance, Withney at Park Avenue Armory) », 2008, DVD-R, Pal/CD; Courtesy Mai 36 Galerie, Zürich
[35] Bernard Piettre, ordre et désordre : le point de vue philosophique complexité. P39
[36] Louis-José Lestocart, Paul valery: L’acte litteraire comme pensee de la,p3, http://www.tribunes.com