فاعلية برنامج إرشادي معرفي سلوكي في خفض الضغوط النفسية لدى الطلبة ذوي الإعاقة البصرية الملتحقين بجامعة السلطان قابوس
The Effectiveness of a Cognitive Behavioral Therapy (C B T) Program in Reducing Psychological Stress among Students with visual Disabilities enrolled at Sultan Qaboos University
خالد بن سيف الخروصي
أخصائي إرشاد وتوجيه/ جامعة السلطان قابوس
يهدف هذا البحث إلى الكشف عن فاعلية برنامج إرشادي معرفي سلوكي في خفض الضغوط النفسية لدى عينة من الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في جامعة السلطان قابوس، ولتحقيقه استخدم الباحث المنهجين الكمي والكيفي، فجمع بيانات المنهج الكمي باستخدام مقياس الضغوط النفسية من عينة قوامها 16 طالبًا وطالبة توزعوا عشوائيًا بالتساوي إلى مجموعتين تجريبية وضابطة، وجمع بيانات المنهج الكيفي باستخدام المقابلة الشخصية المفتوحة الفردية مع 4 من أفراد المجموعة التجريبية؛ للتحقق من النتائج المتوصل إليها من المنهج الكمي، وقد استند برنامج الإرشاد الجمعي في هذا البحث إلى النظرية المعرفية السلوكية، وتكون من 11 جلسة إرشادية بواقع جلستين أسبوعيًّا، وتراوحت كل جلسة بين 50-75 دقيقة، وبعد تحليل البيانات الكمية إحصائيًّا؛ توصل البحث إلى فروق دالة إحصائيًّا عند مستوى دلالة (α ≥ 0.05) بين درجات أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة على الدرجة الكلية لمقياس الضغوط النفسية لصالح المجموعة التجريبية على القياسين البعدي والمتابعة، كما أشار تحليل محتوى البيانات الكيفية إلى النتيجة ذاتها؛ إذ شملت محورين هما: رأي الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في البرنامج الإرشادي المعرفي السلوكي، والخبرة التي اكتسبوها من الفنيات المستخدمة فيه، وقد أشاروا إلى فاعلية برنامج الإرشاد الجمعي المستخدم في هذا البحث في خفض مستوى الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية.
الكلمات المفتاحية: الضغوط النفسية، البرنامج الإرشادي، العلاج المعرفي السلوكي، الإعاقة البصرية.
ABSTRACT
This study aimed to examine the effectiveness of a behavioural cognitive counselling program in lowering the psychological stress among students with visual impairment at Sultan Qaboos University. To achieve this goal, the researcher used the quantitative and qualitative design. Quantitative data were collected using a psychological stress scale on a sample of 16 male and female students distributed randomly and equally to experimental and control groups. Qualitative data were collected using the individual open interview with (4) members of the experimental group. The group counselling program in this study was based on behavioral cognitive theory, which consisted of (11) counselling sessions were applied at two sessions per week, each of which ranged from 50-75 minutes. The quantitative findings showed statistically significant differences between the scores of experimental and control group members at the overall score of the psychological stress scale in favour of the experimental group on the post-test and follow-up measurements. Qualitative data analysis indicated the same outcome in the two aspects: the opinion of students with visual impairment in the counseling program and the experience they gained from the techniques applied. The findings also pointed to the effectiveness of the counselling program in lowering the level of psychological stress in the experimental group members.
Keywords: psychological stressors, group counselling, (C B T), visual disabilities.
مقدمة
تعد الضغوط من سمات الحياة المعاصرة نتيجة التغيرات السريعة التي طرأت على كافة مناحي الحياة، حتى أضحت جزءا من حياتنا اليومية وأصبح عصرنا الحالي يطلق عليه عصر الضغوط.
ومما لا شك فيه أن الفرد عندما يكون واقعا تحت الضغط يكون مختلفا عنه في الحالات العادية، وأن المواقف الضاغطة لها تأثيراتها السلبية على صحته النفسية والجسمية، إذ تشير الإحصاءات العالمية أن 80% من الأمراض الحديثة سببها الضغوط النفسية وأن 50% من مشكلات المرضى المراجعين للأطباء والمستشفيات ناتجة عن الضغوط النفسية وأن 25% من أفراد المجتمع يعانون شكلا من أشكال الضغط النفسي (الغرير، 2009)، ولا يوجد إنسان تخلو حياته من الضغوط، حيث إن الطريقة الوحيدة للحياة بلا ضغوط هي ألّا تضع البيئة على الفرد أي متطلبات أو احتياجات عليه أن يلبيها، وربما كان للضغوط أثر واضح على الطلبة الجامعيين لا سيما في مجتمعاتنا العربية، حيث يتعرضون لضغوط نفسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، والتي بدورها تترك آثارا سلبية على السلوك العام لتلك المجتمعات وعلى الأفراد فيها بشكل خاص (الخياط والسليحات، ٢٠١٢).
ولعل فئة الأشخاص المعاقين ليست بمعزل عن مشكلات الحياة، بالإضافة إلى جملة المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تعاني منها هذه الشريحة من المجتمع، فهي تعاني أيضا من مشكلات خاصة تتعلق بطبيعة الإعاقة التي تؤثر على حياتهم، خاصة فيما يتعلق بالحركة والتنقل مع طلب العون في بعض الأحيان عن طريق الآخرين أو عن طريق أدوات مساعدة (داود، ٢٠١٢).
ويواجه بعض المعاقين بصريا مشكلات يمكن أن تزيد من ضغوطهم النفسية، منها:
المشكلات النفسية: حيث لخص المؤتمر الدولي الثامن للمعوقين عام ۱۹۷۸ بنيويورك مجموعة من السمات النفسية لديهم تتمثل في الشعور الزائد بالنقص مما يعوق تكيفه الاجتماعي، والشعور الزائد بالعجز مما يولد لديه الإحساس بالضعف والاستسلام، وعدم الشعور بالأمن مما يولد لديه القلق والخوف من المجهول، وعدم الاتزان الانفعالي مما يولد لديه مخاوف وهمية مبالغ فيها، وسيادة مظاهر السلوك الدفاعي وأبرزها الإنكار والتعويض والإسقاط وغيرها (السيد، 2000).
المشكلات الانفعالية: يعيش الطفل المعاق بصريا كغيره من الأطفال في عالم مليء بالمثيرات، ولكنه أكثر حساسية من الشخص العادي بالنسبة إلى المعاملة التي يعامل بها المبصرون؛ فهو يعيش في هذا العالم ولديه حاجات يود إشباعها، وأهداف يسعی إلى تحقيقها، وتوجد لديه حياة يود أن يعيشها، إلا أن خبراته عن عالمه الخاص مختلفة عن الأفراد المبصرين، وعليه أن يتغلب على الصعوبات في الحصول عليها، كما أن شخصيته تتأثر بهذه الظروف، فالفرد بسبب هذه الإعاقة يمكن أن يقع تحت تأثير توتر عصبي تسوده مشاعر عدم الأمان، والإحباط (اللالا، 2016).
المشكلات الاجتماعية: وهي المشكلات التي تواجه علاقة الكفيف بالآخرين وتؤدي إلى سوء التكيف، كما أن كف البصر لا يؤثر فقط على المصاب به ولكن يمتد إلى باقي الأفراد حيث ينبغي إعادة توزيع الأدوار وتقبل الإصابة وإعادة التوازن في بناء الأسرة، ولا شك أن طبيعة العلاقات الأسرية والعمر وقت الإصابة وتأثير الإصابة وسببها ومدى تقبلها ومستوى الأسرة التعليمي والاقتصادي كلها عوامل تؤثر في طبيعة المشكلات الاجتماعية والقدرة على مواجهتها (قينيدي، 2016).
المشكلات التعليمية: إن الهدف من تعليم الطالب المعاق بصريا، هو التقليل من أثر ضغوط الإحساس بالإعاقة البصرية لديه، وبث القدرة في نفسه، ومساعدته على أن يصبح معتمدا على نفسه بالاعتماد على قدرته الذاتية، وتنمية الشعور بالمسؤولية وضبط ذاته، ومساعدته على تقبل إعاقته، وتزويده بخبرات معرفية تساعده على الخروج من عزلته، والتنقل من مكان إلى آخر راضيا عن نفسه، ودمجه في الحياة الاجتماعية وتجنيبه اضطراب السلوك، ومحاولة الوصول معه إلى مستوى أقرانه المبصرين بمدارس التعليم العام (اللالا، 2016).
إن آثار الضغوط النفسية على الفرد ليست كلها سيئة، فلها آثار إيجابية يمكن أن تشمل غالبية أنظمة الجسم، وتجعله أكثر يقظة وحيوية، وتزيد من قدرته العقلية، كما أن أنظمة جهازه العصبي تعمل بشكل أسرع، ويمكن أن تجعله يشعر بسعادة غامرة، ويكون أكثر دافعية (Sawyer, 2005).
ويهدف الإرشاد النفسي للأفراد ذوي الإعاقة البصرية إلى تنمية شخصياتهم، وأن يثقوا في البيئة التي يعيشون فيها، من خلال إشباع حاجاتهم الأساسية من الأمن والطمأنينة، والاعتماد على النفس، والحصول على الإعجاب والتقدير من الآخرين حتى يشعروا بالكفاءة، ويتطلب إشباع هذه الحاجات لذوي الإعاقة البصرية تدخلات إرشادية أو علاجية، لأن الإرشاد النفسي الجماعي يؤدي إلى كثير من النتائج الإيجابية لذوي الإعاقة البصرية وتعديل اتجاهاتهم السلبية، بالإضافة إلى القدرة على الاستقلالية والمنافسة في البيئة التي يعيشون فيها(Johnson& Johnson, 1991).
لاقت التدخلات العلاجية المستندة إلى الإرشاد المعرفي السلوكي انتشارا واسعا في صفوف المعالجين والمهنيين، إذ اعتبر من العلاجات النفسية ذات الفاعلية البالغة في الحد من الاضطرابات النفسية عامة والتخفيف من الضغوط النفسية على وجه الخصوص، فهو يركز على كيفية إدراك الفرد للمثيرات المختلفة وتفسيراته لها؛ إذ يعتمد على التشغيل المعرفي للمعلومات (العمليات العقلية)، وأنه خلال فترة التوتر النفسي يصبح تفكير الفرد أكثر جمودا وأكثر تشويها (عادل، 2000)، وأن الاستجابات الوجدانية والسلوكية المضطربة تعتمد على تلك المعتقدات الفكرية الخاطئة التي يتبناها الفرد عن نفسه وعن العالم الخارجي (كحلة، 2009).
وقد أشارت الإحصائيات إلى أن عدد الأفراد ذوي الإعاقة في سلطنة عمان والمسجلين بنظام بطاقة معاق بلغ 31727 معاقا في عام 2018، منهم 2706 من ذوي الإعاقة البصرية (المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، 2019).
وقد تنوعت الدراسات السابقة العربية والأجنبية في تناولها لمتغيرات هذه الدراسة، وفيما يلي عرضا لبعض منها:
دراسة جاسبر وأنجيلا (2010) التي هدفت إلى التعرف على فاعلية العلاج السلوكي المعرفي في خفض الضغوط النفسية لدى عينة من الطلبة قوامها 60 طالبًا وطالبة، وأظهرت النتائج فاعلية التدريب على العلاج السلوكي المعرفي الذي اعتمد على فنية الاسترخاء وفنية حل المشكلات في خفض حدة الضغوط النفسية لدى الطلبة الجامعيين.
فيما هدفت دراسة علي (2011) إلى التعرف على مدى فاعلية برنامج إرشادي نفسي مبني على سورة يوسف وأثره على الضغوط النفسية والتوافق النفسي لدى المعلمين المعاقين بصريًا، وقد أوضحت النتائج وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسطات رتب درجات المجموعتين التجريبية والضابطة في القياس البعدي للضغوط النفسية والتوافق النفسي لدى المعلمين المعاقين بصريًا لصالح المجموعة التجريبية، كما وجدت فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي رتب درجات المجموعة التجريبية في القياسين القبلي والبعدي للضغوط النفسية والتوافق النفسي لدى المعلمين المعاقين بصريًا لصالح القياس البعدي.
أما دراسة الكلبانية (2012) التي هدفت إلى تحديد الضغوط النفسية التي يواجهها آباء وأمهات الطلبة ذوي الإعاقة المقيدين في مدارس التربية الخاصة في محافظة مسقط وقياس مدى شدتها بالأبعاد المختلفة وعلاقة ذلك ببعض المتغيرات، كجنس الطلاب ونوع إعاقته، فقد أظهرت نتائجها إلى أن مستوى الضغوط النفسية بشكل عام منخفض لدى الأمهات والآباء، وأن أعلى الضغوط هي المرتبطة ببعض خصائص الطفل، تبعها خصائص الوالدين، كما أظهرت النتائج وجود علاقة موجبة بين الضغوط النفسية للأمهات والضغوط النفسية للآباء، واتضح أيضًا أنه لا توجد فروق دالة إحصائيا في الضغوط النفسية عند الأمهات وعند الآباء ترجع لمتغير جنس الطالب ذي الإعاقة (ذكر، أنثى)، بينما توجد فروق دالة إحصائيا في شدة الضغوط النفسية ترجع لمتغير نوع إعاقة الطالب.
وقام الخياط والسليحات (2012) بدراسة هدفت إلى التأكد من فاعلية برنامج سلوكي معرفي في خفض الضغوط النفسية لدى عينة من طلبة جامعة البلقاء، حيث تكونت عينة الدراسة من 40 طالبًا، تم توزيعهم على مجموعتين ضابطة وتجريبية بواقع 20 طالبا لكل مجموعة، وكشفت النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة لصالح المجموعة التجريبية، وأوصى الباحثان بإجراء دراسات أخرى حول العوامل المؤثرة في التحصيل الدراسي بعد تدريب الطلبة على أسلوب حل المشكلات وأساليب خفض الضغط النفسي.
أما دراسة كينج (2014) فقد هدفت إلى تقويم فعالية برنامج سلوكي معرفي على عينة من الأطفال الذين يعانون من الضغوط النفسية، حيث تكونت عينة الدراسة من 26 طفلًا تراوحت أعمارهم بين 15-17سنة، وزعوا عشوائيًا على ثلاث مجموعات (مجموعة ضابطة ومجموعتان تجريبيتان)، حيث تلقت المجموعة الأولى إرشادًا معرفيًا والثانية إرشادًا سلوكيًا، والثالثة كانت مجموعة ضابطة لم تتلقى أي معالجة، وتضمن البرنامج الإرشادي 20 جلسة تم فيها التدريب على الاسترخاء، والحديث مع الذات ومناقشة العلاقة بين الأفكار والمشاعر والسلوك، وأظهرت النتائج أن أفراد المجموعتين التجريبيتين أبدو تحسنًا ذا دلالة لأعراض الضغوط حتى بعد مرور شهرين على قياس المتابعة.
وهدفت دراسة أبو غزالة وآخرون (2015) إلى تقديم برنامج إرشادي في خفض الضغوط النفسية لدى عينة من طلاب المرحلة الثانوية المعاقين بصريا، وتكونت عينة الدراسة من 40 طالبا وطالبة، وتوصلت نتائج الدراسة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات أفراد المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة على مقياس الضغوط النفسية بعد تطبيق البرنامج لصالح المجموعة التجريبية، كما أظهرت النتائج عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات المجموعة التجريبية في القياسين البعدي والمتابعة على مقياس الضغوط النفسية.
أما دراسة كونيل (2016) فقد هدفت إلى التعرف على مدى فاعلية برنامج علاجي معرفي سلوكي في تخفيف حدة الضغوط النفسية لدى المراهقين بالمرحلة الثانوية، واشتملت عينة الدراسة على 24 طالبًا وطالبة، تم توزيعهم إلى مجموعتين إحداهما ضابطة والأخرى تجريبية، وكشفت النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات أفراد المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة على مقياس الضغوط النفسية بعد تطبيق البرنامج لصالح المجموعة التجريبية، كما أشارت النتائج أيضًا إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات أفراد المجموعة التجريبية على القياس القبلي والبعدي لمقياس الضغوط النفسية لدى أفراد عينة الدراسة.
وأجرت العجمية (2017) دراسة هدفت إلى استقصاء فاعلية برنامج إرشاد جمعي في خفض الضغوط النفسية لدى أمهات أطفال صعوبات التعلم، حيث قسِّمت عينة الدراسة عشوائيًا إلى مجموعتين تجريبية وضابطة، ثم طُبق برنامج الإرشاد الجمعي على المجموعة التجريبية المكون من 16 جلسة بواقع جلستين في الأسبوع لمدة 8 أسابيع. وأظهرت نتائج الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية في متوسط درجات الضغوط النفسية بين أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة على القياس البعدي لصالح المجموعة التجريبية، كما أشارت النتائج إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط رتب درجات المجموعة التجريبية في القياسين البعدي والمتابعة على مقياس الضغوط النفسية.
أما دراسة سهيل (2018) فقد هدفت إلى تحديد مستوى الضغوط النفسية لدى الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في مدارس المحافظات الشمالية، وقد أجريت الدراسة على عينة قوامها 353 طالبًا وطالبة، وأظهرت النتائج أن الدرجة الكلية لكل المحاور متوسطة، وبينت أنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى الضغوط النفسية تبعا لمتغير الجنس، بينما كانت الفروق في متوسطات مستوى الضغوط النفسية دالة تبعا لمتغير حالة الإعاقة ولصالح الإعاقة الكلية، ووجود فروق دالة إحصائيا في مستوى الضغوط النفسية تبعا لمتغير العمر لصالح 16 سنة فأقل، ووجود فروق دالة إحصائيا في مستوى الضغوط النفسية تبعا لمتغير الصف لصالح العاشر.
وهدفت دراسة الخوالدة والقطاونة (Alkhawaldeh, Alkhatawneh, 2019 ) إلى التحقق من فاعلية برنامج الإرشاد النفسي الديني لخفض مستوى الضغوط النفسية لعينه من أمهات الأطفال المعاقين، وتم تطبيق مقياس الضغط النفسي على المجموعتين الضابطة والتجريبية قبل التعرض للبرنامج وبعده، ومتابعة بعد شهرين من انتهاء البرنامج، وأشارت النتائج إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية لصالح المجموعة التجريبية في القياسين البعدي والمتابعة.
التعريفات الإجرائية للمصطلحات:
البرنامج الإرشادي المعرفي السلوكي: مجموعة الجلسات البالغ عددها 11 جلسة، مدة الجلسة الواحدة تتراوح بين 50-75 دقيقة، وتشتمل كل جلسة على أهداف وأنشطة مختلفة متبوعة بتقييم مرحلي ونهائي يحدد مدى إدراك المشاركين للضغوط النفسية، وكيفية التعامل معها.
الضغوط النفسية: الدرجة الكلية التي يحصل عليها الطلبة ذوي الإعاقة البصرية، والتي تعبّر عن الضغوط النفسية التي يتعرضون لها، كما تعكسه استجاباتهم على مقياس الضغوط النفسية المستخدم في الدراسة الحالية.
الطالب ذو الإعاقة البصرية: الطالب الذي تم تشخيصه علميا من قبل لجان متخصصة في السلطنة، وتم تصنيفه على أنه ضعيف بصر أو كفيف كليا، ونتيجة لذلك وفّرت له الدراسة المدرسية في معهد خاص، وتبعا لنتائجهم ينتقلون إلى الدراسة في الجامعات أو الكليات، ليتسنى تقديم الرعاية والاهتمام الخاص بهم من أجل دمجهم في المجتمع.
مشكلة الدراسة
إن فقدان حاسة البصر أمر يفتح المجال لظهور سمات شخصية غير سوية في البيئة النفسية لدى المراهق المعاق بصريا، كالنظرة السلبية عن الذات، وظهور شخصية منطوية تتميز بالعزلة والانسحابية، وتؤثر الإعاقة البصرية كغيرها من الإعاقات بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة على جوانب النمو والاستقرار الداخلي لدى الفرد (قينيدي، 2016؛ سهيل، 2018)، فهي تُحدث تغييرا في سلوك الفرد يتطلب تنظيما في حياته ككل، حيث ينتاب المعاق شعور بالنقص نتيجة قصور جزء في التركيب الفسيولوجي عنده، كما ينشأ لديه خوف ورهبة ويشعر بالخجل ويميل إلى الانطواء وعدم الانسجام مع الآخرين (الجوالده وآخرون، 2017).
وتسبب ضيقا واختلالا نفسيا وسوء توافق نفسي واجتماعي، كما أن 51% من المعاقين بصريا يعانون من الاضطرابات النفسية وضعف المستوى التعليمي والاضطرابات الصحية، ولها تأثيرات نفسية عميقة تتجاوز آثارها إلى الأسرة والمجتمع، مما تسبب تغييرات كبيرة في نمط حياة المعاق بصريا وعاداته، وهذا بدوره يؤدي إلى مشكلات في التوافق النفسي والاجتماعي. (Barron,et al,1992)
وللتحقق من أن الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في جامعة السلطان قابوس يعانون من التأثير السلبي لتلك الضغوط؛ قام الباحث بإجراء مقابلات مع المرشدين النفسيين العاملين بمركز الإرشاد الطلابي في جامعة السلطان قابوس لاستقصاء أسباب تلك الضغوط ومدى انتشارها لدى بعض الطلبة المعاقين بصريا في الجامعة، وقد أظهرت المقابلات شيوع أنماط من الضغوط النفسية لديهم كالضغوط الأسرية والاجتماعية، والنفسية، والأكاديمية والسلوكية.
كما أجرى الباحث دراسة استطلاعية شملت عددا من المشرفين عليهم وعدد 15 من الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في الجامعة، ووجد أن معظمهم يؤكدون وجود ضغوطات نفسية تؤدي إلى شعورهم بالتوتر والانزعاج في الحياة بشكل عام وفي المرحلة الجامعية بشكل خاص.
ومن خلال ما سبق نجد أن الطلبة ذوي الإعاقة البصرية يعانون من ضغوطات نفسية مختلفة، وهم في حاجة ماسة إلى المساعدة النفسية، المتمثلة في الإرشاد المعرفي السلوكي الذي أثبتت العديد من الدراسات فعاليته في خفض الضغوط النفسية، حيث ستسعى هذه الدراسة إلى أن تساهم في خفض الضغوط التي يتعرضون لها قبل أن تتفاقم وتؤثر على مستقبلهم.
أهداف الدراسة
تسعى الدراسة الحالية إلى التعرف على فاعلية برنامج إرشادي معرفي سلوكي في خفض الضغوط النفسية لدى الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في جامعة السلطان قابوس.
سعت الدراسة في جزئها الكمي للإجابة عن الأسئلة التالية:
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القياس البعدي بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة في مستوى الضغوط النفسية لصالح المجموعة التجريبية تعزى للبرنامج الإرشادي؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية لدى المجموعة التجريبية بين القياس القبلي والقياس البعدي في مستوى الضغوط النفسية لصالح القياس البعدي تعزى للبرنامج الإرشادي؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية لدى المجموعة التجريبية بين القياس البعدي وقياس المتابعة في الضغوط النفسية؟
وفي جزئها الكيفي سعت للإجابة عن السؤالين:
- ما رأي الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في البرنامج الإرشادي المعرفي السلوكي؟
- ما الخبرة التي اكتسبها الطلبة ذوو الإعاقة البصرية من فنيات البرنامج الإرشادي المعرفي السلوكي؟
الطريقة والإجراءات
اتبعت الدراسة منهجين من مناهج البحث العلمي وهما المنهج الكمي Quantitative Research والمنهج الكيفي Qualitative Research حيث استخدم الباحث المنهج الكيفي لتدعيم النتائج التي حصل عليها من المنهج شبه التجريبي، والمنهج الكيفي هنا هو طريقة بحثية ثانوية.
وتعتبر ثنائية” الكمي والكيفي” وليدة الثنائيات النظرية في مجال العلوم الاجتماعية، وترتبط بواقع اجتماعي معقد تتداخل فيه عادة تقييمات الباحث مع تصورات المبحوث، وهي لا تقتصر على مشاكل القياس، التي يمكن تحليلها أو حلها، بل تتعداها إلى مجالات مختلفة وعديدة تمس الابستمولوجيا، والانطولوجيا والنظرية (دليو، 2014).
تكوَّن مجتمع الدراسة من جميع طلبة ذوي الإعاقة البصرية في جامعة السلطان قابوس في فصل الخريف من العام الأكاديمي 2018/2019م، والبالغ عددهم 35 طالبًا وطالبة، منهم 15 طالبًا وعدد 20 طالبة.
وقد استهدف الباحث مجتمع الدراسة كاملا للحصول على عينة الدراسة باتباع أسلوب العينة المتاحة، وقد بلغ الذين استجابوا على أداة الدراسة 30 طالبا وطالبة بعد تعذر الوصول إلى الخمسة المتبقين، وبعدها تم اختيار الطلبة الذين حصلوا على أعلى الدرجات على المقياس (ممن لديهم درجات مرتفعة من الضغوط أو ممن يعانون من الضغوط)، ثم وزعوا إلى مجموعتين تجريبية وضابطة.
أولًا: مقياس الضغوط النفسية:
نظرًا لعدم توفر أداة عمانية لقياس الضغوط النفسية لدى طلبة الإعاقة البصرية في المرحلة الجامعية في سلطنة عمان قام الباحث بتصميم مقياس الضغوط النفسية لطلبة الإعاقة البصرية في المرحلة الجامعية على وفق طريقة ليكرت، حيث تكون المقياس في صورته الأولية من 50 فقرة؛ منها 16 فقرة في البعد الاجتماعي، 10 فقرات في البعد الأكاديمي، 15 فقرة في البعد النفسي، 9 فقرات في البعد السلوكي.
صدق مقياس الضغوط النفسية:
صدق فقرات المقياس: أُستخدم الأسلوب المنطقي (Logical Method) في تحديد صدق فقرات المقياس ظاهريًا من خلال تبني أسلوب التحكيم (Method Gudgment)، وبمقتضاه عُرضت فقرات المقياس في صورتها الأولية على 10 من المحكمين من أعضاء هيئة التدريس في جامعة السلطان قابوس، من ذوي الاختصاص في علم النفس، والقياس والتقويم التربوي والنفسي، حيث تبنى الباحث نسبة 70% فأكثر من اتفاق المحكمين قيمة محكية (Criterion value) لتحديد مدى صلاحية فقرات المقياس وانتمائها لأبعادها، بينما عدّت كل فقرة حصلت على أقل من تلك النسبة غير مناسبة لذا تمّ تعديلها، واستنادًا إلى آرائهم تم تعديل 10 فقرات، كما اقترح المحكّمون إضافة الفقرة رقم 51 :” أواجه صعوبة في تحديد أهدافي وأولوياتي”.
صدق الاتساق الداخلي: تم استخراج معامل التمييز بهذه الطريقة لإيجاد العلاقة الارتباطية بين درجات أفراد العينة على كل فقرة وبين درجاتهم الكلية على المقياس بالاعتماد على البيانات المتوفرة من العينة، باستخدام معامل ارتباط بيرسون (Pearson)، وأظهرت النتائج أن معاملات الارتباط تراوحت بين 0.819-0.053، وقد عدّت الفقرات التي يقل معامل ارتباطها عن 0.19 فقرات غير مميزة وفق معيار (Ebel)، وبذلك تم استبعاد 4 فقرات وهي 4، 14، 19، 25 كون قيمها الارتباطية غير دالة عند مستوى دلالة 0.05 والجدول 1 يوضح ذلك.
معاملات الارتباط بين درجة الفقرة والدرجة الكلية للمقياس
ت | معامل الارتباط | ت | معامل الارتباط | ت | القيمة الجدولية |
1 | **.604 | 18 | **.321 | 35 | **.445 |
2 | **.461 | 19 | *.061 | 36 | **.623 |
3 | **.223 | 20 | **.284 | 37 | **.684 |
4 | *.053 | 21 | **.501 | 38 | **.195 |
5 | **.260 | 22 | **.249 | 39 | **.648 |
6 | **.252 | 23 | **.259 | 40 | **.689 |
7 | **.334 | 24 | **.225 | 41 | **.218 |
8 | **.229 | 25 | *.065 | 42 | **.255 |
9 | **.371 | 26 | **.442 | 43 | **.370 |
10 | **.287 | 27 | **.417 | 44 | **.475 |
11 | **.408 | 28 | **.586 | 45 | **.819 |
12 | **.256 | 29 | **.359 | 46 | **.736 |
13 | **.348 | 30 | **.606 | 47 | **.655 |
14 | *.060 | 31 | **.762 | 48 | **.626 |
15 | **.263 | 32 | **.415 | 49 | **.423 |
16 | **.450 | 33 | **.444 | 50 | **.296 |
17 | **.292 | 34 | **.530 | 51 | **.696 |
(*) تعني أن قيم معامل الارتباط غير دالة إحصائيًا عند مستوى (0.05).
(**) تعني أن قيم معامل الارتباط دالة إحصائيًا عند مستوى (0.05).
ثبات مقياس الضغوط النفسية ((Reliability:
طريقة إعادة الاختبار (Test – Retest):
يسمى معامل الثبات المستخرج بهذه الطريقة بمعامل الاستقرار عبر الزمن، وقد قام الباحث بتطبيق الأداة على أفراد عينة تألفت من 17 طالبًا وطالبة من ذوي الإعاقة البصرية تم اختيارهم بطريقة عشوائية من جامعة السلطان قابوس موزعين بواقع 8 أفراد من الذكور و 9 أفراد من الإناث، وإعادة تطبيقها عليهم بعد مرور أسبوعين من التطبيق الأول، حيث بلغت معاملات ثبات الإعادة للمقياس ككل .83950.
طريقة الاتساق الداخلي: وذلك باستخدام معادلة ألفا كرونباخ، حيث بلغ معامل الثبات للمقياس ككل 0.9289 ويعد هذا المعامل جيدًا ومرتفعًا عند مقارنته على وفق معيار مطلق، أما معاملات الثبات لأبعاد المقياس فقد تمتعت بمعاملات ثبات عالية تراوحت بين 0.71-0.81 .
ثانيًا: برنامج الإرشاد الجمعي المطبق في هذه الدراسة:
بعد مراجعة الأدبيات والدراسات السابقة كدراسة: الخواجه (2004)، والحجرية (2011)، وبومجان (2016)، والعجمي (2017) عرض الباحث البرنامج الإرشادي على 6 محكمين من ذوي الاختصاص في الإرشاد النفسي والتوجيه لأجل تجويد البرنامج، ثم قابل المختصين في الجامعة والمسئولين عن طلبة الإعاقة البصرية وقدم لهم نبذة مختصرة عن البرنامج الإرشادي المقترح.
الهدف العام:
سعى البرنامج إلى خفض شدة الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية من خلال تدريبهم على بعض الفنيات والأساليب الإرشادية التي تساعدهم في اكتساب كيفية التعامل مع المواقف الضاغطة ومواجهتها بفاعلية، مما يساهم في خفض آثارها.
وفيما يلي ملخص لجلسات البرنامج الإرشادي:
الجلسات التمهيدية: وهدفت إلى تطبيق القياس القبلي لأجل تحديد المجموعتين التجريبية والضابطة، وتهيئة أعضاء المجموعة التجريبية للمشاركة في البرنامج الإرشادي.
الجلسة الأولى: هدفت إلى التعارف وبناء العلاقة الإرشادية المهنية، والتعرف على توقعاتهم، وتحديد حقوق وواجبات كل عضو، وتحديد قواعد السلوك الجيد، وتقديم نبذة عن البرنامج الإرشادي.
الجلسة الثانية هدفت إلى تعريف والطلبة بمفهوم الضغوط النفسية ومصادرها وآثارها.
الجلسة الثالثة هدفت إلى تعريف وتدريب والطلبة على مهارة الاسترخاء، وكيفية تفعيلها عند تعرضهم لأي موقف مثير يؤدي إلى زيادة الضغط النفسي.
الجلسة الرابعة هدفت إلى أن يعدّل الطلبة تصوراتهم حول نظرة المجتمع السلبية نحو الإعاقة، والتدرب على أسلوب الحوار المنطقي للذات.
الجلسة الخامسة هدفت إلى مناقشة فكرة: أن الإنسان يحدد أسلوبه في حياته من خلال ما يختاره من قرارات، ثم التطرق إلى مبادئ نظرية إليسEllis في تفنيد بعض الأفكار غير المنطقية.
الجلسة السادسة وهدفت إلى التدرب على استخدام نموذج إليس التحليليA.B.C.D.E.F في مواقف حياتية مختلفة.
الجلسة السابعة هدفت إلى توظيف الجانب الانفعالي في مقاومة الضغوط من خلال تعزيز الجوانب الإيمانية لدى الطلبة.
الجلسة الثامنة هدفت إلى التعريف بمهارة ضبط الذات ومراحلها والتدريب على استخدامها.
الجلسة التاسعة هدفت إلى التعريف بمهارة حل المشكلات واستخدامها.
الجلسة العاشرة هدفت إلى زيادة وعي الطلبة بأهمية ومهارات إدارة الوقت.
الجلسات الختامية هدفت إلى تلخيص البرنامج الإرشادي، ومعرفة إيجابياته والنقاط التي تحتاج إلى تطوير، ثم تطبيق مقياس الضغوط النفسية على المجموعتين التجريبية والضابطة، ثم تطبيق قياس المتابعة على المجموعة التجريبية بعد شهرين من انتهاء الجلسات.
أداة الدراسة الكيفية
إن المنهج الكيفي يولد البيانات، وخاصة في العلوم الاجتماعية المتعلقة بفهم سلوك الأفراد ومعتقداتهم، ويستخدم لدراسة الظواهر والحالات التي لا تتوفر عنها معلومات وافية، أو لمعرفة أشياء جديدة عن حالات يتطلب التعمق فيه (Nelson, 2009).
إعداد المقابلة: اعتمد الباحث على المقابلة المفتوحة الفردية، والمقابلة المفتوحة هي التي يطرح فيها الباحث أسئلة غير محددة الإجابة، وللمستجيب حرية التعبير (أبو علام، 2007)، أما المقابلة الفردية فتعتبر أكثر الأنواع شيوعا في مجال البحث، لأنها تتم بين المقابل والمستجيب (ملحم، 2007).
ونظرًا لأن هدف المقابلة جمع معلومات إضافية لتدعيم المعلومات التي تم الحصول عليها من مقياس الضغوط النفسية (البعدي والمتابعة)، فقد تكونت المقابلة من عدد من الأسئلة تدور حول رأي الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في البرنامج الإرشادي المعرفي السلوكي، والخبرة التي اكتسبوها من الفنيات المستخدمة فيه.
الصدق: عُرضت أسئلة المقابلة التي أعدها الباحث على 7 من الأساتذة والمختصين في علم النفس والقياس بجامعة السلطان قابوس لمراجعتها، حيث أبدى المحكمون آراءهم فيما يتعلق بارتباط كل سؤال بهدف الدراسة ووضوح كل سؤال وسلامته اللغوية، وتمت إعادة صياغة الأسئلة وفقًا للتعديلات التي اقترحوها.
الثبات: من أجل قياس ثبات المقابلة تم مقارنة مدى تطابق الأفكار التي استخلصها الباحث مع الأفكار التي استخلصها عدد آخر من الفاحصين لهذه الأفكار؛ حيث بلغت نسبة التطابق للمقابلات 80.69 ، وهذا يعني أن مستوى ثبات المقابلة جيد.
كيفية إجراء الدراسة
قام الباحث بإجراء الدراسة الكمية (شبه التجريبية) ثم أتبعها بالدراسة الكيفية وفقا للخطوات الآتية:
- إجراء دراسة استطلاعية لطلبة الإعاقة البصرية ومجموعة من المشرفين عليهم وعدد من أخصائيي الإرشاد والتوجيه في الجامعة، ودراسة أخرى وصفية للتعرف على مستويات الضغوط النفسية لدى تلك الفئة من الطلبة.
- الاطلاع على الأدبيات النظرية والدراسات السابقة ذات الصلة بأهداف الدراسة.
- بناء مقياس الضغوط النفسية والتحقق من صدقه وثباته.
- تطبيق مقياس الضغوط النفسية الذي أعده الباحث لاختيار العينة وتقسيمها إلى مجموعتين ضابطة وتجريبية، ثم اختيار أفراد المجموعة التجريبية وتطبيق البرنامج عليهم.
- تطبيق مقياس الضغوط النفسية بعد انتهاء جلسات البرنامج الإرشادي مباشرة للمجموعتين الضابطة والتجريبية، ثم تطبيقه بعد مرور شهرين من الانتهاء من تطبيقه للمجموعة التجريبية.
- إعداد أسئلة المقابلة ثم التأكد من صدقها وثباتها.
- إجراء المقابلة الكيفية مع 4 من المجموعة التجريبية، مع مراعاة أخلاقيات البحث والأمانة العلمية المرتبطة بجمع المعلومات وتحليلها وتوثيقها، كما استأذن الباحث الطلبة حول إمكانية تسجيل المقابلة، ثم تفريغ بيانات المقابلات ومراجعتها مع بعض الطلبة قبل نشرها.
- تحليل ومناقشة النتائج الكمية والكيفية للدراسة.
المنهج الكمي:
- اختبار”مان- ويتني” (Mann- Whitney U Test) للتحقق من دلالة الفروق بين أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة على القياس البعدي.
- اختبار ولكوكسون (Wilcoxon) للتحقق من دلالة الفروق بين القياسين القبلي والبعدي للمجموعة التجريبية، ثم أجري نفس الاختبار للتحقق من دلالة الفروق بين القياسين البعدي والمتابعة للمجموعة التجريبية.
المنهج الكيفي:
- كتابة المقابلات بتحويلها من النص المنطوق إلى المكتوب ثم تنظيمها في مجموعات ذات معنى.
- البحث عن محاور عن طريق إعادة تركيز التحليل لمستوى أشمل للمحاور، وإيجاد الفروق بين المحاور وتعريفها، وتقسيمها لمجموعات حسب سمات التشابه بينها.
- مراجعة المحاور عن طريق تحديد ما إذا كانت البيانات المجمعة كافية لدعمها، ثم تسمية المحاور وتعريفها تعريفا واضحا.
- كتابة البحث مع الأخذ في الاعتبار العلاقة بين هذه المحاور وأهداف البحث.
نتائج الدراسة ومناقشتها
السؤال الأول: هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القياس البعدي بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة في مستوى الضغوط النفسية لصالح المجموعة التجريبية تعزى للبرنامج الإرشادي؟
للإجابة على هذا السؤال تم استخدام اختبار “مان- ويتني” Mann- Whitney U Test)) للتحقق من دلالة هذه الفروق بين أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة على القياس البعدي، والجدول 2 يوضح النتائج التي تم التوصل إليها.
نتائج اختبار مان- ويتني للكشف عن الفروق بين المجوعتين التجريبية والضابطة في الضغوط النفسية على القياس البعدي
المجموعة | المتوسط
الحسابي |
الانحراف
المعياري |
متوسط الرتب | مجموع الرتب | قيمة Z | مستوى
الدلالة |
التجريبية | 107.00 | 25.60 | 11.13 | 89.00 |
2.249 |
0.028 (*) |
الضابطة | 121.13 | 20.44 | 5.88 | 47.00 |
(*) عند مستوى دلالة (α ≥ 0.05).
يتضح من جدول 2 أن هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط الرتب عند مستوى دلالة (α ≥ 0.05) للمجموعتين التجريبية والضابطة في الاختبار البعدي للضغوط النفسية لصالح المجموعة التجريبية (متوسط الرتب= 11.13)، وتتفق هذه النتيجة مع بعض الدراسات منها دراسة (الخياط والسليحات، 2012؛ كونيل، 2016؛ العجمية، 2017).
ويمكن تفسير هذه النتيجة إلى الاتجاه المعرفي السلوكي المستخدم، حيث يذكر الخياط والسليحات (2012) أن هذا الاتجاه يربط بين طرق وتقنيات هذين الأسلوبين ويركز على كيفية تعلم الفرد للسلوك والعواطف والاتصال المعرفي للأنماط المختلفة، والسمة العامة لهذه النظرية هي تدخلها بصورة مباشرة من خلال قواعد وأهداف موجهة، واعتمادها على الواجبات البيتية، والمهارات التطبيقية، والتركيز على القدرة على حل المشكلات من خلال تعلم مجموعة من المهارات.
كما أن مشاركة الطلبة الفاعلة وحضورهم المنتظم إضافة إلى أن الفنيات الإرشادية اتسمت بالدينامية والوظيفية مما ساعد في تعديل الأفكار حول الكثير من أحداث الحياة التي تسهم في رفع مستوى الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية، إضافة إلى أن تلك الفنيات والأنشطة ساعدتهم على التعبير عما بداخلهم من ضغوط نفسية، حيث أتيح لهم التنفيس الانفعالي في جو إرشادي آمن وخالٍ من الخوف أو اللوم، وقائم على التقبل والتفاعل الإرشادي بينهم وبين الباحث، وبين بعضهم البعض، والتشجيع على إبداء الآراء والمشاركة الفاعلة في الحوار مما عزز ثقتهم بأنفسهم، وزاد من وعيهم وتقبلهم لذواتهم وأحدث تحسنًا ملحوظًا لديهم في مواجهة الضغوط النفسية، ويمكن تفسير هذه النتيجة أيضًا في ضوء ما أدركه أفراد المجموعة الإرشادية من تأثير المعتقدات والأفكار السلبية في زيادة الضغوط النفسية وأهمية استبدالها بأفكار إيجابية، حيث يذكر الخواجة (2004) أن تحسين التفكير العقلاني لدى الفرد من خلال التدريب على ذلك يؤدي إلى خفض شعوره بالتوتر والضغط النفسي الناتج عن المواقف الضاغطة التي يواجهها وبالتالي يتحسن مستوى تكيفه.
وينسجم هذا مع ما أورده عزام (2012) في أن الأفكار الخاطئة تؤدي إلى اضطرابات انفعالية وسلوكية تظهر فيما يعانيه المكفوفون من مشكلات اجتماعية ونفسية وانفعالية متعددة وما يتسمون به من خصائص سلبية، ولذلك فإن تغيير الأفكار الخاطئة يعد بمثابة نقطة البداية في تحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي للطلبة المكفوفين وذلك باعتبارها المحرك الأساسي للانفعال والسلوك. ويرى إليس أن المواقف الضاغطة التي يعيشها الفرد لا توجد في ذاتها، وإنما تتوقف على الطريقة التي يدرك بها الفرد هذه الظروف ومعتقداته اللاعقلانية عن تلك المواقف (Turner, 2016).
السؤال الثاني: هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية لدى المجموعة التجريبية بين القياس القبلي والقياس البعدي في مستوى الضغوط النفسية لصالح القياس البعدي تعزى للبرنامج الإرشادي؟
تم استخدام اختبار ويلكوكسون (Wilcoxon) للكشف عن الفروق بين الاختبارين القبلي والبعدي في الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية، ويوضح جدول 3 نتائج هذا الاختبار.
جدول 3
نتائج اختبار ويلكوكسون للكشف عن الفروق بين الاختبارين القبلي والبعدي في الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية
القياس | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | متوسط الرتب | مجموع الرتب | قيمة Z | مستوى الدلالة |
قبلي | 121.25 | 16.62 | 0.00 | 0.00 | 3.519 | 0.000 (*) |
بعدي | 107.00 | 25.60 | 17.00 | 136.00 |
(*) عند مستوى دلالة (α ≥ 0.05).
يتضح من جدول 3 أن هناك فروقا ذات دلالة إحصائية بين درجات الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية على القياسين القبلي والبعدي عند مستوى دلالة (α ≥ 0.05) لصالح القياس البعدي، وقد اتفقت هذه النتيجة مع نتائج بعض الدراسات كدراسة (جاسبر وأنجيلا، 2010؛ علي، 2011؛ كينج، 2014؛ كونيل، 2016؛ العجمية، 2017)، وهذا يشير إلى فاعلية البرنامج الإرشادي الذي تم تطبيقه على المجموعة التجريبية، ويعزو الباحث هذه النتيجة إلى التدرج المنظم في عرض جلسات البرنامج حيث شرعت في بناء العلاقة الإرشادية المهنية الإيجابية بين الباحث وأفراد المجموعة، ومعرفة توقعاتهم حول البرنامج، ثم التعرف على مفهوم الضغوط النفسية ومصادرها وآثارها، وتدريبهم على ممارسة التنفس العميق، والاسترخاء عند تعرضهم لأي موقف ضاغط.
ثم مناقشة تصوراتهم حول نظرة المجتمع السلبية لذوي الإعاقة البصرية وتأثير تلك التصورات في حياتهم، ومعرفة ما إذا كانت عقلانية أم غير عقلانية، ثم إقناعهم بالدور الذي تلعبه تلك الأفكار في تهويل الأحداث وزيادة الألم النفسي المترتب عليها، وقد ساهم الحوار والمناقشة والتفاعل بين الباحث والطلبة في تحديد الأفكار اللاعقلانية المسببة في زيادة الضغوط النفسية وتفنيدها ودحضها استنادا إلى نظرية إليس (A.B.C.D.E.F) ومهارة الضبط الذاتي باستخدام نموذجي المراقبة الذاتية الأول والثاني؛ حيث وضّح الباحث أن مراقبة الذات تساعد في حد ذاتها في إحداث تغيير في السلوك، وقد أكد إليس وبيك ومیكنبوم المشار إليهم في(Coull, Morris, 2011)على أن الأفكار السلبية تلعب دورا كبيرا في نشأة الضغوط لدى الفرد، وأنها تعد الأساس لتكونها، حيث تظهر الرؤية السلبية عن الذات من قبيل أنا غير جدیر بالاستحقاق، وأنا غير محبوب، ورؤية سلبية عن الآخرين وعن المستقبل، أي أن استجابة الفرد للأحداث في البيئة تتحدد بشكل كبير في تفسيراته.
إضافة إلى أن البرنامج عزّز الجوانب الإيمانية والروحانية، وأبرز فضل الصبر في الدنيا والآخرة على المصائب والابتلاءات مع إعطاء أمثلة للصابرين كصبر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كما أن التدريب على مهارة حل المشكلات ساهم في خفض مستوى الضغوط النفسية من خلال استراتيجية الأسلوب المثالي (IDEAL) المتضمنة تحديد المشكلة وتعريفها وصياغتها، والبحث عن حلول لها ومعرفة أثر النتائج التي تظهر من تطبيق تلك الحلول.
كما أن تضمن البرنامج لمهارة إدارة الوقت وتنظيمه كان لها اهتمام كبير من قِبل الطلبة ذوي الإعاقة البصرية، حيث تم تدريبهم على مصفوفة الأولويات مع ذكر أمثلة حياتية لها من قبلهم، وتحديد مضيعات الوقت وكيفية مواجهتها والتغلب عليها.
السؤال الثالث هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية لدى المجموعة التجريبية بين القياس البعدي وقياس المتابعة في الضغوط النفسية؟
تم استخدام اختبار ويلكوكسون (Wilcoxon) للكشف عن الفروق بين الاختبارين البعدي والمتابعة في الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية، ويوضح جدول 4 نتائج هذا الاختبار.
جدول 4
نتائج اختبار ويلكوكسون للكشف عن الفروق بين الاختبارين البعدي والمتابعة في الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية
القياس | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | متوسط الرتب | مجموع الرتب | قيمة Z | مستوى الدلالة |
بعدي | 107.00 | 25.60 | 0.00 | 0.00 | -2.521 | 0.012 |
متابعة | 101.38 | 37.25 | 4.50 | 36.00 |
(*) عند مستوى دلالة (α ≥ 0.05).
يتضح من جدول 4 أن هناك فروقا ذات دلالة إحصائية بين درجات الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية على القياسين البعدي والمتابعة عند مستوى دلالة (α ≥ 0.05) لصالح قياس المتابعة، واتفقت هذه النتيجة مع نتائج دراسات (كينج، 2014؛ الخوالدة والقطاونة، 2019)، واختلفت مع دراسات (أبو غزالة وآخرون، 2015؛ العجمية، 2017)، وتدل هذه النتيجة على أن البرنامج الإرشادي كان فعالًا في استمرارية خفض الضغوط النفسية لدى أفراد المجموعة التجريبية بعد شهرين من تطبيقه، وهذا يعني احتفاظهم بأثر التدريب بعد انتهاء تطبيق البرنامج بفترة زمنية، مما يؤكد أن التحسن لديهم ليس مؤقتًا لفترة بسيطة أو محدودًا ينتهي بانتهاء الجلسات.
ويرجع الباحث بقاء أثر التدريب واستمرار التحسن بعد الانتهاء من تطبيق جلسات البرنامج الإرشادي إلى فاعلية التدريب على الفنيات المستخدمة من خلال الواجبات المنزلية التي يتم مناقشتها بصورة جماعية في بداية كل جلسة إرشادية وتقديم التغذية الراجعة المناسبة لها، وباعتبار أن السلوك يتعزز بالتدريب فقد حصل أفراد المجموعة التجريبية على التدريب المكثف الذي كان له دور فعال في بقاء أثر البرنامج لديهم، وذلك من خلال ما تعرضوا له من معلومات وأفكار حول الضغوط النفسية وأثارها وأساليب مواجهتها بطرق محددة ومتعددة، كما يعزو الباحث ذلك إلى أن البرنامج جاء ملبيًا لحاجات ورغبة طلبة الإعاقة البصرية في التخفيف من الضغوط النفسية وآثارها في حياتهم بشكل عام، وظهر ذلك من خلال تواصلهم مع الباحث حتى بعد انتهاء جلسات البرنامج الإرشادي.
السؤال الرابع: ما رأي الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في البرنامج الإرشادي المعرفي السلوكي؟
اتضح من خلال المقابلات التي أجريت مع الطلبة ذوي الإعاقة البصرية أن رأيهم عن البرنامج الإرشادي كان إيجابيا في التقليل من الضغوطات النفسية، حيث ذكروا أن رؤيتهم للضغوط النفسية تغيرت للأحسن وكذلك في معرفتهم لمصادرها وآثارها؛ فقد أشار ثلاثة منهم إلى أن مصدر تلك الضغوطات كان بسبب التسويف مما يؤدي إلى تراكم الأعمال؛ حيث ذكرت الحالة رقم 2 ” كنت محبطة وعندي تسويف والآن قلّت ضغوط الدراسة ووضعت جدولًا للمذاكرة” أي أن الضغوط قلّت لديها عند استخدامها لمهارة تنظيم الوقت، كما أشارت الحالة رقم 1: “كنت أظن قبل البرنامج أن مصادر الضغوط خارجية فقط كالأعباء الأسرية والدراسية، ولكن بعد البرنامج أدركت أن للأفكار دور في الضغوط”.
وقد أكد الطلبة على دور الأسرة والمجتمع في زيادة مستوى الضغوط النفسية من خلال التعامل معهم بالشفقة الزائدة أو اعتبارهم عاجزين عن القيام بأدوار مختلفة في الحياة، حيث قالت الحالة رقم 4: “جاءتنا ضيفة وقالت انظري إلى هذه المسكينة لا ترى، وهذه الكلمة (مسكينة) جرحتني كثيرًا، وإذا تريد أن تزعج شخص قل له مسكين، وبعدها طلبتُ من أهلي ألاّ أخرج من البيت، ولكن بعد البرنامج بدأت أتجاهل هذا الأمر، وصارت كلمة مسكينة تعطيني دافعًا وأسعى لأثبت العكس” وهذا لا يشير فقط إلى فاعلية البرنامج في التخفيف من مصادر تلك الضغوط وإنما إلى زيادة مستوى الثقة بالنفس؛ إذ تضيف تلك الحالة أيضًا قولها “فبالرغم من أني كفيفة فأنا قادرة أن أقوم بأشياء لا يستطيع المبصر القيام بها” كما أصبحت فاعلة وتحاول استغلال مثل هذه المواقف لتغيير نظرة المجتمع السلبية لذوي الإعاقة البصرية إذ قالت:” لا زلت أحاول تغيير تلك النظرة بالقول والفعل”.
كما أشارت المقابلات إلى فائدة البرنامج في خفض مستوى الضغوط النفسية؛ إذ قالت الحالة رقم 2:” وجدت فوائد عديدة للبرنامج، فقد طوّر في أسلوب حياتي، وتخطيت الكثير من المشاكل” كما بينت ذلك الحالة رقم 3 بقولها:” هذا البرنامج فيه فائدة كبيرة لأي شخص دخله وطبق المهارات والأفكار التي اكتسبها”، وفي نفس السياق ذكرت الحالة رقم 4 أن: “البرنامج حقق فائدة كبيرة جدًا في حياتي من كل النواحي، وساعدني على تخطي الضغوط النفسية والشخصية والاجتماعية من خلال استخدام مهارات جديدة”.
وتتفق هذه النتيجة مع ما أكده روجرز الوارد في العاسمي (2011) في أن للبرنامج الإرشادي الجماعي تأثيرًا ذا قيمة في عملية العلاج النفسي الجماعي من حيث شعور الفرد بتعدد الزوايا التي يمكن النظر منها لموضوع ما بتعدد الأفراد الذين تتألف منهم الجماعة العلاجية، مثل هذا التعدد يفضي إلى توسيع المجال النفسي لدى الفرد، ومصحوبًا بزيادة قدرته على تقييم الأمور وعدم التقيد بوجهة نظر واحدة تشل حركته وتعطل قواه.
السؤال الخامس: ما الخبرة التي اكتسبها الطلبة ذوو الإعاقة البصرية من فنيات البرنامج الإرشادي المعرفي السلوكي؟
الاسترخاء: أشارت نتائج المقابلات الشخصية إلى أهمية الاسترخاء بما تخللها من التدرب على التنفس العميق، حيث تقول الحالة رقم 1:” لم أكن استخدم الاسترخاء في السابق والآن استخدمه باستمرار عندما تكون لدي ضغوطات أسرية أو دراسية أو غيرها”، كما أكدت الحالة رقم 4 على فائدة مهارة التنفس العميق ودورها في تحسين المستوى الأكاديمي، ورفع مستوى الدافعية للدراسة حيث قالت:” ساعدتني في تنشيط الدماغ ومواجهة الخمول، ولا زلت استخدمها في المذاكرة وغيرها، فهي تساعدني في تقليل التوتر”. ويرجع الباحث تلك الخبرة إلى أن التوتر والشد في العضلات بشكل كبير يؤدي إلى زيادة مستوى الضغوط النفسية، مما يؤثر سلبًا على الفرد، ويعجز بسببه عن القيام بالسلوكيات السوية، وتكون أفكاره وردود أفعاله سلبية، وقد أكد وولبي الوارد في العجمي (2017) أن نسبة شفاء 90% من الحالات التي عالجها تبرهن على فعالية العلاج بأساليب الاسترخاء والتنفيس، حيث يقوم بتدريب المُعالَج بطرق متعددة منها الاسترخاء التصاعدي الذي يبدأ باليدين والذراعين، ثم الرأس والرقبة، والكتفين، ثم الظهر، وأخيرًا الصدر ثم الأطراف السفلية.
وباعتبار الاسترخاء وسيلة مقاومة للإجهاد فإن الصلاة تدربنا على الاسترخاء خمس مرات في اليوم، حيث تمكن الفرد من التخلص من التوتر والإجهاد، كما أن التسبيح والدعاء عقب الصلوات يخفف من وطأة تلك الضغوط، حين يناجي الإنسان ربه ويشكو إليه ما يعانيه من مشكلات، ويطلب عونه وقضاء حوائجه، فالمؤمن يعلم أن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ (البقرة: 186) (داود، 2012).
نموذج (A.B.C): إن طريقة تفكير الفرد B تتحكم في انفعالاته وردود فعله للأحداث والمواقف التي يتعرض لها، مما يؤثر على سلوكه، حيث ذكرت الحالة رقم 2:” كنت أظن أن سلوكي هو بسبب الأحداث والمواقف A التي أتعرض لها، وبعد التحاقي بالبرنامج أدركت أن الذي يؤثر على السلوك C هو B وليس A ” وفي نفس السياق تؤكد الحالة رقم 4 على ذلك وتقول: ” قبل البرنامج كنت أظن أن الحدث أو الموقف هو الذي يؤثر في سلوكي وبعد البرنامج أدركت أن ما أحمله من أفكار ومعتقدات هو الذي يؤثر في سلوكي”. ويعزو الباحث ذلك إلى أن البرنامج من خلال نموذج إليس (A.B.C.D.E.F) حرص على مناقشة الأفكار اللاعقلانية التي تؤثر فيهم وتعرضهم لمزيد من مشاعر الذنب ولوم الذات والإحباط والعزلة والتقييم السلبي للذات وغيرها، ثم ساعدهم على استبدال الأفكار والمعتقدات غير العقلانية بأخرى عقلانية، والعمل على تبني فلسفة جديدة للحياة تسهم في تجنب الوقوع مستقبلًا في تلك الأفكار والمعتقدات. وتذكر بومجان (2016) أن إليس وغيره من الباحثين والمعالجين يتفقون على أن الاضطرابات النفسية أو العقلية لا يمكن عزلها عن الطريقة التي يفكر بها المريض عن نفسه وعن العالم، أو اتجاهاته نحو نفسه ونحو الآخرين.
تنمية الجانب الإيماني: إن تعزيز الجوانب الإيمانية والروحانية، والربط بين الابتلاء بالضغوط النفسية والثواب في الآخرة، وإبراز فضل الصبر على المصائب والابتلاءات، وتوضيح أهمية الإيمان بالقضاء والقدر، مع ذكر أمثلة من قصص الأنبياء والصحابة كل ذلك يساعد في تحمل الضغوط النفسية ويساهم في استعادة الصحة النفسية والحياة في سعادة واطمئنان، والتيقن أن كل أمر من رب العالمين هو خير للمؤمن، حيث تقول الحالة رقم 3: “الجانب الروحي يؤثر في الإنسان كثيرًا فالمتمسك بدينه… يكون راضيًا ولديه طاقة إيجابية ومتفائل دائمًا بعكس السلبي”، فيما أشارت الحالة رقم 4 إلى أهمية الاستفادة من قصص الأنبياء والمرسلين، حيث تقول:” أنهم واجهوا الأذى من الآخرين ومن أقرب الناس إليهم، وهذا دليل أننا قد نتعرض للأذى، ولكن علينا أن نصبر”.
حل المشكلات: ساهمت هذه الفنية في مواجهة أفراد المجموعة التجريبية للمشكلات التي تعترضهم، والتعامل معها بطريقة علمية، حيث ذكرت الحالة رقم 2: “تعلمت تجزئة المشكلات إلى عناصر وتحديد أسبابها وإيجاد البدائل المناسبة لحلها” وفي ذلك إشارة إلى الحاجة إلى المهارة والكفاءة في حل المشكلات. حيث تورد بومجان (2016) أن العديد من الباحثين اتفقوا أن الضغط النفسي وسوء التكيف يمكن أن ينتج بسبب حل المشكلات بأسلوب غير فعال، ويرون أنه ينبغي وضع إطار عقلي في حل المشكلات لدى الفرد، حتى يصبح قادرًا على التعرف على مشكلته عند حدوثها، وتجنب التصرف باندفاعية أو تشاؤمية نحوها. ويذكر الخواجه (2004) أن تدريب الفرد على أسلوب حل المشكلات يحد من عجزه في مواجهتها، ذلك العجز المتمثل في تقديم الحلول المناسبة لها، ولربما يضيع وقتًا طويلًا وهو يدور في ذات الإطار، ويفقد كثيرًا من الفرص التي هو في حاجة إليها، ثم يقل تقديره لذاته، وتتراكم المشكلات التي تمنعه من تحقيق أهدافه مما يجعله تحت طائلة الأحداث الضاغطة ثم الشعور بالضغط النفسي.
إدارة الوقت: الوقت هو الحياة، فاللحظة التي لا تستغل تذهب ولا ترجع، فهو مورد فريد منحه الله تعالى لكل إنسان، ولأهميته البالغة أقسم به تعالى في مطالع سور عديدة، ولذا تم التطرق إليه في البرنامج من خلال اتباع أساليب مناسبة في إدارته، لكون الندم والحسرة وعدم القدرة على ضبطه يؤثر في زيادة مستوى الضغوط النفسية حيث قالت الحالة رقم 4 إن:” تنظيم الوقت هو الأساس في التخلص من كل الضغوط النفسية” كما أن معرفة تصنيف الأولويات وأهمية ترتيبها يساهم بدرجة كبيرة في تنظيم الوقت، حيث قالت الحالة رقم 3: “أركز في كل مهمة أقوم بها هل هي أمر مهم وعاجل أم مهم وغير عاجل أم غير مهم وعاجل أم غير مهم وغير عاجل… لأنفذ المهمة حسب أولويتها”، فقد ساهم البرنامج في تدريب الطلبة على هذه المهارة، حيث إن بعضهم كان يتعامل مع الوقت بحكم العادة، ويؤكد حسين وحسين (2006) أن التدريب على إدارة الوقت يؤدي إلى زيادة إدراك الفرد وقدرته على التحكم في الوقت، وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض التوتر وزيادة الكفاءة.
التوصيات:
- تطوير برامج إرشادية لذوي الإعاقة البصرية ترفع من مستوى كفاءتهم الذاتية، وتقلل مستوى الضغوط النفسية لديهم، وتطبيقها على عينات مختلفة تعاني من الضغوط النفسية من طلبة الجامعات والكليات.
- تأهيل المعاقين بصريا نفسيا واجتماعيا عن طريق تقديم الخدمات النفسية والاجتماعية والمهنية والتربوية.
- توجيه وإرشاد العاملين في الجهات التي تعنى بالطلبة ذوي الإعاقة البصرية في جامعة السلطان قابوس إلى أهمية تعرّف الضغوطات النفسية التي يمكن أن تؤثر عليهم سلبا، ووضع خطط واستراتيجيات مناسبة لمواجهتها والتعامل معها.
- إجراء دراسات تتناول الضغوط النفسية ومتغيرات أخرى لم تتناولها الدراسة الحالية، لمعرفة أثرها على الأفراد ذوي الإعاقة البصرية، مثل ردود فعل الأهل، اتجاهات الطلبة المبصرين نحو الطلبة المعاقين بصريا.
المراجع العربية
القرآن الكريم.
أبو علام، رجاء محمود (2007). مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية. القاهرة: دار النشر للجامعات.
أبو غزالة، سميرة علي جعفر، الجندي، محمد شعبان حسن، وصديق، محمد السيد. (2015). برنامج إرشادي في خفض الضغوط النفسية لدى عينة من طلاب المرحلة الثانوية المعاقين بصريا. العلوم التربوية: جامعة القاهرة – كلية الدراسات العليا للتربية، (23)4، 701 – 723.
بومجان، نادية (2016). بناء برنامج إرشادي معرفي سلوكي لتخفيف الضغط النفسي لدى الأستاذة الجامعية المتزوجة. [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر.
الجوالده، فؤاد عيد، التل، سهير ممدوح، وبنات، سهيلة محمود. (2017). المناخ الأسرى وعلاقته بالكفاءة الذاتية المدركة لدى الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في الأردن. المجلة الأردنية في العلوم الاجتماعية، 10(1)، 19-37.
الحجرية، سالمة بنت راشد (2011). فاعلية برنامج إرشاد جمعي في تنمية تقدير الذات لدى المعاقين بصريا في سلطنة عمان. [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة نزوى، عُمان.
حسين، طه عبد العظيم، وحسين، سلامة عبد العظيم (2006). استراتيجيات إدارة الضغوط التربوية والنفسية. عمّان: دار الفكر للنشر والتوزيع.
الخواجه، عبد الفتاح محمد سعيد. (2004). فاعلية برنامج إرشاد جمعي يستند إلى الاتجاه العقلاني الانفعالي وأسلوب حل المشكلات في خفض الضغوط النفسية التي تواجه الموهوبين الذكور في سن المراهقة وتحسين مستوى تكيفهم. [رسالة دكتوراه غير منشورة]. جامعة عمّان العربية، البلقاء، الأردن.
الخياط، ماجد محمد، والسليحات، ملوح مفضي (٢٠١٢). فاعلية برنامج تدريبي سلوكي- معرفي في خفض الضغوط النفسية لدى طلبة كلية الأميرة رحمة الجامعية، مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية، 20(2)، 1-22.
داود، راضية. (2012). الضغط النفسي واستراتيجيات المواجهة لدى المعاق حركيا. [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة فرحات عباس.
دليو، فضيل. (2014). معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية. مجلة العلوم الاجتماعية، 19(11)، 82-91.
سهيل، تامر فرح. (2018). مستوى الضغوط النفسية لدى ذوي الإعاقة البصرية من طلبة المرحلة الثانوية في مدارس المحافظات الشمالية. مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات التربوية والنفسية، 9(25)، 78-94.
السيد، ماجدة عبيد (2000). تعليم الأطفال ذوي الحاجات الخاصة. عمّان: دار صفاء للنشر والتوزيع.
عبد الله، محمد عادل (2000). العلاج المعرفي السلوكي، أسس وتطبيقات. مصر: دار الرشاد.
العاسمي، رياض نايل (2011). فاعلية برنامج إرشادي قائم على الإرشاد المتمركز على العميل والتغذية الراجعة البيولوجية في تخفيض درجة الضغط النفسي والقلق كسمة، وتحسين مفهوم الذات لدى عينة من المعلمين. مجلة جامعة دمشق للعلوم التربوية، 27(2،1)، 219 – 281.
العجمية، رباب بنت داود (2017). فاعلية برنامج إرشاد جمعي في خفض الضغوط النفسية لدى أمهات الأطفال ذوي صعوبات التعلم في محافظة شمال الباطنة. [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة نزوى. عُمان.
عزام، شعبان عبدالصادق عوض. (2012، مارس8-7). فعالية العلاج العقلاني الانفعالي في تعديل الأفكار الخاطئة لدى الطلاب المكفوفين [عرض ورقة]. المؤتمر الدولي الخامس والعشرون لكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان (مستقبل الخدمة الاجتماعية في ظل الدولة المدنية الحديثة)، حلوان، مصر.
علي، طلعت أحمد (2011). فعالية برنامج إرشادي نفسي مبني على سورة يوسف وأثره في الضغوط النفسية والتوافق النفسي لدى المعلمين المعاقين بصريًا. المجلة العلمية لكلية التربية، 27(2)، 145 – 193.
قينيدي، سعاد (2016). الضغط النفسي والتوافق النفسي لدى المراهق المتمدرس المعاق بصريا. دراسة عيادية لثلاث حالات بتطبيق مقياس الضغط النفسي ومقياس التوافق النفسي بمدرسة طه حسين للأطفال المعاقين بصريا. [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر.
كحلة، ألفت (2009). العلاج المعرفي السلوكي والعلاج السلوكي عن طريق التحكم الذاتي لمرضى الاكتئاب. القاهرة: إيتراك للطباعة والنشر والتوزيع.
الكلبانية، بدرية علي (2012). الضغوط النفسية التي يواجهها آباء وأمهات ذوي الإعاقة في محافظة مسقط بسلطنة عمان. [رسالة ماجستير غير منشورة]. جامعة السلطان قابوس.
اللالا، زياد كامل (2016). المشكلات التي تواجه الطلبة ذوي الإعاقة البصرية في منطقة القصيم من وجهة نظر المعلمين والمشرفين في ضوء عدد من المتغيرات. مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، 162، 235-275.
المركز الوطني للإحصاء والمعلومات. (2019). الأشخاص ذوو الإعاقة.
ملحم، سامي (2007). مناهج البحث في التربية وعلم النفس (ط5). عمّان: دار المسيرة للنشر والتوزيع.
المراجع الأجنبية
Al-Qatawneh, Y, Al-Khawaldeh, S,2019, The Effectiveness of Religious Psychological Counseling Based Program in Reducing Psychological Stress among Mothers of Disabled Children , Journal of Modern Applied Science,13 (2), 30-41.
Barron, C., Foxall, M., Von-Dollen, K., Shull, K. & Jones, P. (1992): Prediction of loneliness on low vision adults. Western journal of nursing research,14, 86-89.
Connelle. (2016). The effectiveness of cognitive therapy sox. Program to revce unit concern the future, Journal of personality, 32, 27.
Coull, G & Morris, PG (2011). The clinical effectiveness of CBT-based guided self-help interventions for anxiety and depressive disorders: a systematic review, Psychological Medicine, 41(11), 2239-2252.
Jasper, Angela. (2010). The efficacy of cognitive Behavioral interventions for redacting. Journal of Abnormal psychology, 11, 104-106.
Johnson, C. & Johnson, J. (1991). Using short-term group counseling with visually impaired adolescents. Journal of visual impairment & blindness, 85(4), 166-170.
King, A. (2014). The effectiveness of cognate behavioral therapy program. Journal of psychology, 12.
Nelson, P. A., B.A.Hons. (2009). Qualitative approaches in craniofacial research. The Cleft Palate – Craniofacial Journal, 46(3), 245-51.
Retrieved from https://search.proquest.com/docview/204947844?accountid=27575.
Sawyer, R. (2005). Stress the Silent Killer. e-Book Wholesaler, Hitech United Australia Pty. Ltd. Hoddle Street Abbotsford, Melbourne, Australia.
Turner, M. (2016). Rational emotive behavior therapy (REBT), irrational and rational beliefs, and the mental health of athletes. Journal of Frontier Psychology, 7, 1-16.